
مذهب أو اتباع إنسان، ومعنى الآية أن الله ينزع من كل طائفة أعتاها فيقدمه إلى النار، وقال بعضهم: المعنى نبدأ بالأكبر جرما فالأكبر جرما أَيُّهُمْ اختلف في إعرابه، فقال سيبويه: هو مبني على الضم لأنه حذف العائد عليه من الصلة، وكأن التقدير: أيهم أشدّ فوجب البناء، وقال الخليل: هو مرفوع على الحكاية تقديره: الذي قال له أشدّ، وقال يونس: علق عنها الفعل وارتفعت بالابتداء أَوْلى بِها صِلِيًّا الصلي: مصدر صلّى النار، ومعنى الآية: أن الله يعلم من هو أولى بأن يصلّى العذاب وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها خطاب لجميع الناس عند الجمهور، فأما المؤمنون فيدخلونها، ولكنها تخمد فلا تضرهم، فالورود على هذا بمعنى الدخول كقوله:
حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ [الأنبياء: ٩٨]، وأوردهم النار، وقيل: الورود بمعنى القدوم عليها كقوله وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ [القصص: ٢٣]، والمراد بذلك جواز الصراط وقيل: الخطاب للكفار، فلا إشكال حَتْماً أي أمرا لا بدّ منه ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا إن كان الورود بمعنى الدخول، فنجاة الذين اتقوا بكون النار عليهم بردا وسلاما، ثم بالخروج منها، وإن كان بمعنى المرور على الصراط فنجاتهم بالجواز والسلامة من الوقوع فيها أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا الفريقان هم المؤمنون والكفار، والمقام اسم مكان من قام، وقرئ بالضم «١» من أقام، والنديّ المجلس، ومعنى الآية: أن الكفار قالوا للمؤمنين: نحن خير منكم مقاما: أي أحسن حالا في الدنيا، وأجمل مجلسا فنحن أكرم على الله منكم.
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ كم مفعول بأهلكنا، ومعنى الآية: رد على الكفار في قولهم المذكور: أي ليس حسن الحال في الدنيا دليلا على الكرامة عند الله، لأن الله قد أهلك من كان أحسن حالا منكم في الدنيا هُمْ أَحْسَنُ قال الزمخشري هذه الجملة في موضع نصب صفة لكم أَثاثاً أي متاع البيت، وقال ابن عطية هو اسم عام، في المال العين والعروض والحيوان، وهو اسم جمع، وقيل هو جمع، واحده أثاثة وَرِءْياً بهمزة ساكنة قبل الياء: معناه منظر حسن، وهو من الرؤية، والرئي اسم المرئي، وقرئ بتشديد «٢» الياء من غير همز، وهو تخفيف من الهمز، فالمعنى متفق، وقيل هو من ريّ الشارب أي التنعم بالمشارب والمآكل، وقرأ ابن عباس زيا بالزاي
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا أي يمهله ويملي له، واختلف هل هذا الفعل دعاء أو خبر سيق بلفظ الأمر تأكيدا حَتَّى هنا غاية للمدّ في الإضلال إِمَّا الْعَذابَ يعنى عذاب الدنيا
(٢). قرأ نافع وابن عامر: وريّا وقرأ ورش عن نافع: ورئيا بالهمزة وهي قراءة الباقين.

شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً في مقابلة قولهم خير مقاما وأحسن نديا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ ذكر في [الكهف: ٤٧] خَيْرٌ مَرَدًّا أي مرجعا وعاقبة أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ هو العاصي بن وائل وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً كان قد قال: لئن بعثت كما يزعم محمد ليكونن لي هناك مال وولد أَطَّلَعَ الْغَيْبَ الهمزة للإنكار، والردّ على العاصي في قوله كَلَّا ردّ له عن كلامه سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ إنما جعله مستقبلا لأنه إنما يظهر الجزاء والعقاب في المستقبل وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أي نزيد له فيه وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أي نرث الأشياء التي قال إنه يؤتاها في الآخرة، وهي المال والولد، ووراثتها هي بأن يهلك العاصي ويتركها، وقد أسلم ولداه هشام وعمرو رضي الله عنهما وَيَأْتِينا فَرْداً أي بلا مال ولا ولد ولا ولي ولا نصير.
سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ قيل: إن الضمير في يكفرون للكفار وفي عبادتهم للمعبودين، فالمعنى كقولهم: ما كنا مشركين، وقيل: إن الضمير في يكفرون للمعبودين، وفي عبادتهم للمعبودين، فالمعنى كقولهم: ما كنا مشركين، وقيل: إن الضمير في يكفرون للمعبودين، وفي عبادتهم للكفار، فالمعنى كقولهم: ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ [يونس: ٢٨] وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا معناه يكون لهم خلاف ما أمّلوه منهم فيصير العز الذي أمّلوه ذلة، وقيل: معناه: أعداء أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تضمن معنى سلطانا، ولذلك تعدّى بعلى تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تزعجهم إلى الكفر والمعاصي فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ أي لا تستبطئ عذابهم وتطلب تعجيله إنما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا أي نعد مدّة بقائهم في الدنيا، وقيل: نعدّ أنفاسهم وَفْداً قيل: معناه ركبانا، ومعنى الوفد لغة: القادمون وعادتهم الركوب فلذلك قيل ذلك، وقيل مكرمون، لأن العادة إكرام الوفود وِرْداً معناه عطاشا، لأن من يرد الماء لا يرده إلا للعطش لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ الضمير يحتمل أن يكون للكفار، والمعنى لا يملكون أن يشفعوا لهم، ويكون من اتخذ: استثناء منقطعا بمعنى لكن، أو يكون الضمير للمتقين فالاستثناء متصل، والمعنى: لا يملكون أن يشفعوا إلا لمن اتخذ عهدا أو لا يملكون أن يشفع منهم إلا من اتخذ عهدا، أو يكون الضمير للفريقين إذ قد ذكروا قبل ذلك فالاستثناء أيضا متصل، ومن اتخذ: يحتمل أن يراد به الشافع أو المشفوع له عَهْداً يريد به الإيمان والأعمال الصالحة، ويحتمل أن يريد به الإذن في الشفاعة. وهذا أرجح لقوله:
لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن، والظاهر أن ذلك إشارة إلى شفاعة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم في