
شرح الكلمات:
ليكونوا لهم عزاً: أي منعة لهم وقوة يشفعون لهم عند الله حتى لا يعذبوا.
سيكفرون بعبادتهم: أي يوم القيامة يجحدون أنهم كانوا يعبدونهم.
ضداً١: أي أعداء لهم وأعوانا عليهم.
تؤزهم أزاً: أي تزعجهم إزعاجاً وتحركهم حراكاً شديداً نحو الشهوات والمعاصي.
وفداً: أي راكبين على النُّجُب تحوطهم الملائكة حتى ينتهوا إلى ربهم فيكرمهم.
إلى جهنم ورداً: أي يساق المجرمون كما تساق البهائم مشاة عطاشاً.
عهداً: هو شهادة أن لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
معنى الآيات:
يخبر تعالى مندداً بالمشركين فيقول: ﴿واتخذوا من دون الله آلهة﴾ أي معبودات من الأصنام فعبدوها بأنواع من العبادات، ﴿ليكونوا لهم﴾ - في نظرهم الفاسد- ﴿عزاً٢﴾ أي شفعاء لهم عندنا يعزون بواسطتهم ولا يُهانون، ﴿كلا﴾ ٣ أي ليس الأمر كما يظنون ﴿سيكفرون بعبادتهم﴾ وذلك يوم القيامة حيث ينكرون أنهم أمروهم بعبادتهم، ﴿ويكونون عليهم ضداً﴾ أي خصوماً، ومن ذلك قولهم٤ ﴿وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون﴾. وقولهم. ﴿بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون﴾.
وقوله تعالى في الآية الثانية (٨٣) ﴿ألم تر٥ أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا﴾
٢ العزّ: ضد الذلّ، وأطلق العزّ هنا وأريد به سببه وهو الشفعاء والأعوان إذ بهم تحصل العزة وتكون المنعة.
٣ ﴿كلا﴾ : جائز أن تكون نافية بمعنى: لا وليس وجائز أن تكون بمعنى: حقاً أي: حقاً سيكفرون بعبادتهم.. الخ.
٤ أي: فيما أخبر تعالى به في قوله: ﴿وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون﴾ فها هم قد وقفوا ضدّهم بتكذيبهم إياههم. ورأى بعض أهل التفسير أنّ من الجائز أن تكون الآية مبشرة بنصر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن يوماً سيأتي يكفر المشركون بآلهتهم وذلك بعد إسلامهم.
٥ الاستفهام للتقرير وفيه معنى التعجب أي: كيف لم تَرَ ذلك والأمر واضح لوجود آثاره يشاهدها كل أحد. وأرسلنا بمعنى سلطناهم أو خلّيناهم يفعلون بهم ما أرادوا من الإغواء والفتنة.

يقول تعالى لرسوله ألم ينته إلى علمك يا رسولنا أنا أرسلّنا الشياطين أي شياطين الجن والإنس على الكافرين بنا وبآياتنا ورسولنا ولقائنا تؤزهم أزاً أي تحركهم بشدة نحو الشهوات والجرائم والمفاسد، وتزعجهم إلى ذلك بالإغراء إزعاجاً كبيراً. أي فلا تعجب من حال مسارعتهم إلى الشر والفساد ولا تعجل عليهم بمطالبتنا بهلاكهم إنما نعد لهم كل أعمالهم ونحصيها عليهم حتى أنفاسهم ونحاسبهم على كل ذلك ونجزيهم به. هذا معنى قوله تعالى: ﴿فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا١﴾.
وقوله تعالى في الآية (٨٥) ﴿يوم نحشر المتقين﴾ أي أذكر يا رسولنا يوم نحشر المتقين ﴿إلى الرحمن وفداً﴾. والمتقون هم أهل الإيمان بالله وطاعته وتوحيده ومحبته وخشيته وطاعة رسوله ومحبته وفداً أي راكبين على النجائب من النوق عليها رِحال الذهب إلى الرحمن إلى جوار الرحمن عز وجل في دار المتقين الجنة دار الأبرار والسلام.
وقوله تعالى: ﴿ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً﴾ : أي ونسوق المجرمين على أنفسهم بالشرك والمعاصي مشاة على أرجلهم عطاشاً يُساقون سوق البهائم إلى جهنم وبئس٢ الورد المورود جهنم.
وقوله تعالى ﴿لا يملكون الشفاعة إلاّ من٣ اتخذ عند الرحمن عهداً﴾ ٤ أخبر تعالى أن المشركين المجرمين على أنفسهم بالشرك والمعاصي فدسوها لا يملكون الشفاعة يوم القيامة لا يشفع بعضهم في بعض كالمتقين ولا يشفع لهم أحد أبداً لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً بالإيمان به وبطاعته بأداء الفرائض وترك المحرمات يملك إن شاء الله الشفاعة بأن يشفعه الله في غيره إكراماً له أو يشفع فيه غيره إكراما للشافع أيضاً وإنعاماً على المشفوع له. كما أن أهل لا إله إلاّ الله محمد رسول الله المتبرئين من حولهم وقوتهم إلى الله الراجين رجهم يملكون الشفاعة إن دخلوا النار بذنوبهم فيخرجون منها بشفاعة من أراد الله أن يشفعه فيهم.
٢ يطلق لفظ الورد على الماشية عندما تساق إلى الماء لترده، ويطلق على السير إلى الماء أيضاً كما يطلق على الماء المورود ومنه قوله تعالى: ﴿وبئس الورد المورود﴾.
٣ الاستثناء منقطع، والمنقطع هو: استثناء الشيء من غير جنسه، ولذا يؤتى بعده بلكن كما هو في التفسير أي: لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً يشفع.
٤ من لهم عهد بالشفاعة حيث عهد الله تعالى إليهم بذلك هم الملائكة والأنبياء والشهداء أيضاً بدليل السنة الصحيحة، وفسّر ابن عباس رضي الله عنهما العهد أيضاً بشهادة أن لا إله إلاّ الله محمد رسول الله والقيام بحقها مع التبرؤ من الحول والقوة لله تعالى.