آيات من القرآن الكريم

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱ

أي: مسكناً، منكم ومنهم.
﴿وَأَضْعَفُ جُنداً﴾ أهم؟ أم أنتم؟ يعني: إذا نصر الله المؤمنين.
فأما قراءة طلحة، فإنما يجوز على تقدير. القلب وإلقاء حركة الهمزة على الياء بعد القلب.
قوله تعالى: ﴿وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى﴾ إلى قوله: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْداً﴾.
أي: ويزيد الله المؤمنين هدى، لأنهم يؤمنون بكل ما أنزل إليهم من الفرائض، ويصدقون بها، ويعملون بها، فهم في زيادة إيمان وهذا مثل قوله تعالى: ﴿أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾.. [التوبة: ١٢٤] الآية.
وقيل: يزيدهم بإيمانهم بالناسخ والمنسوخ.
وقيل: هو زيادة في اليقين يجعل جزائهم في الدنيا أن يزيدهم في يقينهم هدى.
ثم قال تعالى: ﴿والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً﴾.
يعني: الأعمال الصالحات هي خير عند ربك جزاء لأهلها.
﴿وَخَيْرٌ مَّرَدّاً﴾ عليهم من مقامات هؤلاء المشركين في أنديتهم، وافتخارهم بها

صفحة رقم 4583

في الدنيا. وقد تقدم ذكر الباقيات الصالحات، واختلاف العلماء في معناها في " الكهف ".
وقد قيل: " الباقيات الصالحات " الإيمان والأعمال الصالحة وسماها باقية، لأنها تنفع أهلها في الدنيا والآخرة ولا تبطل كأعمال الكفار الذين لا يريدون بها ما عند الله.
وروي " أن النبي ﷺ جلس ذات يوم فأخذ عوداً يابساً فحط ورقه، ثم قال: إن لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله يحططن الخطايا كما تحط ورق الشجر الريح، خذهن يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك بينهن، هن الباقيات الصالحات، وهن من كنوز الجنة. فكان أبو الدرداء، إذا ذكر هذا الحديث قال: لأهللن الله، ولأكبرن الله، ولأسبحن الله حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون ".
وإنما سميت هذه الكلمات بالباقيات الصالحات لأنها تبقى لأهلها حتى يردوا عليها في الجنة.

صفحة رقم 4584

وروى أبو هريرة " أن النبي ﷺ قال: خذوا جنتكم خذوا جنتكم فقالوا: يا رسول الله، أمن عدو قد حضر؟ قال: لا، ولكن من النار. قولوا سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومنجيات، هن الباقيات الصالحات ".
ثم قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً﴾.
هذه الآية نزلت في العاص بن وائل السهمي.
قال خباب: كنت قينا - والقين الحداد - قال: وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال لي: والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ﷺ. قلت: والكله لا أكفر بمحمد ﷺ حتى تموت ثم تبعث.
قال: وإني لمبعوث؟ قلت: نعم. قال: فإنه سكون لي ثم مال وولد، فأقضيك. فأنزل الله جل ثناؤه ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا...﴾ الآيات إلى

صفحة رقم 4585

﴿... فَرْداً﴾.
وكذلك قال مجاهد:
وقال ابن عباس: كان رجال من أصحاب النبي ﷺ يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوا يتقاضونه فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهباً وحريراً ومن كل الثمرات؟ قالوا: بلى.
قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأوتين مالاً وولداً، ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله تعالى مثله في القرآن في قوله: ﴿أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بِآيَاتِنَا﴾. إلى ﴿فَرْداً﴾.
ثم قال تعالى: ﴿أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً﴾.
أي: اعلم هذا القائل الغيب فقال ذلك عن علم/ غيب عنده؟ أم اتخذ عند الرحمن عهداً؟ أي: أم آمن بالله ورسوله وعمل بطاعته فكان له بذلك عهد عن الله فؤتيه ما يقوله له في الآخرة؟.
قال قتادة: " عهداً " عملاً صالحاً قدمه. وقاله: سفيان.

صفحة رقم 4586

وقيل: " العهد " التوحيد: " لا إله إلا الله ".
وقيل: " العهد: الوعد.
وقال عبد الله بن عمر: يقول الله تعالى يوم القيامة: من كان له عندي عهد، فليقم، فقالوا: يا أبا عبد الرحمن، فعلّمنا. فقال قولوا: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك عهداً في هذه الحياة الدنيا، إنك إن تكلني إلى عملي تقربني من الشر، وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحتمك، فاجعلها لي عندك عهداً تؤديه إلى ايوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.
ثم قال تعالى: ﴿كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾ المعنى: ليس الأمر كما قال أنه يؤتى في القيامة مالاً وولداً.
قال أبو محمد ول " كلا " كتاب مفرد في القرآن، قد ألفناه وكتب عنا، ولذلك لم نشبع الكلام فيها ها هنا.

صفحة رقم 4587

ثم قال: ﴿كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾.
أي: سنكتب قوله، فنجازيه عليه، فنمد له من العذاب مداً. أي: نزيده زيادة من العذاب على قوله هذا. أي: نطول له العذاب غير ماله من العذاب على كفره.
ثم قال: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾.
أي: نرث منه ماله وولده يوم القيامة ﴿وَيَأْتِينَا فَرْداً﴾ أي: وحده لا مال له، ولا ولد.
وقوله: " ونرثه " هو، فعل من فعل يفعل بالكسر فيهما، كما جاء بالضم في الفعلين في مثل: ظرُف يظرُف. ونظيره: ورم يرم وومق يمق، ووري الزنديري، ووفق بأمره يفق، وورع يرع ووثق، يثق، ومنه وسع يسع ووطيء يطأ. وإنما فتح من أجل حرف الحلق، والدليل على أنه يفعل بالكسر في الأصل، حذف الواو منه في المستقبل. وبعدها فتحة، ولم يعتد بالفتحة، إذ هي غير أصلية، إنما أحدثها

صفحة رقم 4588
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية