آيات من القرآن الكريم

وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

مِنْ نَصْبِ أَحْسَنُ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ، وَالْأَثَاثُ مَتَاعُ البيت، أما رئيا فقرىء عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تُقْرَأَ بِالرَّاءِ الَّتِي لَيْسَ فَوْقَهَا نُقْطَةٌ، أَوْ بِالزَّايِ الَّتِي فَوْقَهَا نُقْطَةٌ فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَإِمَّا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْيَاءِ.
أَمَّا إِذَا جُمِعَ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا يَاءٌ وَهُوَ الْمَنْظَرُ وَالْهَيْئَةُ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ رَأَيْتُ رِئْيًا. وَالثَّانِي: رِيئًا عَلَى الْقَلْبِ كَقَوْلِهِمْ رَاءٍ فِي رَأَى، أَمَّا إِنِ اكْتَفَيْنَا بِالْيَاءِ فَتَارَةً بِالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ عَلَى قَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً، وَالْإِدْغَامِ، أَوْ مِنَ الرِّيِّ الَّذِي هُوَ النِّعْمَةُ وَالتَّرَفُّهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَيَّانُ مِنَ النَّعِيمِ. وَالثَّانِي:
بِالْيَاءِ عَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ رَأْسًا وَوَجْهُهُ أَنْ يُخَفَّفَ الْمَقْلُوبُ وَهُوَ رِيئًا بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَإِلْقَاءِ حَرَكَتِهَا عَلَى الْيَاءِ السَّاكِنَةِ قَبْلَهَا، وَأَمَّا بِالزَّايِ الْمُنَقَّطَةِ مِنْ فَوْقُ زِيًّا فَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الزِّيِّ وَهُوَ الْجَمْعُ، لِأَنَّ الزِّيَّ مَحَاسِنُ مَجْمُوعَةٌ، وَالْمَعْنَى أَحْسَنُ من هؤلاء، والله أعلم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٥ الى ٧٦]
قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابُ الثَّانِي عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ وَتَقْرِيرُهُ لِنَفْرِضْ أَنَّ هَذَا الضَّالَّ الْمُتَنَعِّمَ فِي الدُّنْيَا قَدْ مَدَّ اللَّهُ فِي أَجَلِهِ وَأَمْهَلَهُ مُدَّةً مَدِيدَةً حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَى النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى عَذَابٍ فِي الدُّنْيَا أَوْ عَذَابٍ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ ذَلِكَ سَيَعْلَمُونَ أَنَّ نِعَمَ الدُّنْيَا مَا تُنْقِذُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ فَقَوْلُهُ: فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً مَذْكُورٌ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِمْ: خَيْرٌ مَقاماً [مَرْيَمَ: ٧٣] وَأَضْعَفُ جُنْداً في مقابلة قولهم: أَحْسَنُ نَدِيًّا [مَرْيَمَ: ٧٣] فَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُمْ وَإِنْ ظَنُّوا فِي الْحَالِ أَنَّ مَنْزِلَتَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ حَيْثُ فَضَّلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَقَامِ وَالنَّدِيِّ فَسَيَعْلَمُونَ مِنْ بَعْدُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ شَرٌّ مَكَانًا فَإِنَّهُ لَا مَكَانَ شَرٌّ مِنَ النَّارِ وَالْمُنَاقَشَةِ فِي الْحِسَابِ. وَأَضْعَفُ جُنْداً فَقَدْ كَانُوا يَظُنُّونَ وَهُمْ فِي الدُّنْيَا أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ يَنْفَعُ فَإِذَا رَأَوْا أَنْ لَا نَاصِرَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَرَفُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُبْطِلِينَ فِيمَا ادَّعَوْهُ. بَقِيَ الْبَحْثُ عَنِ الْأَلْفَاظِ وَهُوَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: مَدَّ لَهُ الرَّحْمَنُ أَيْ أَمْهَلَهُ وَأَمْلَى لَهُ فِي الْعُمْرِ فَأُخْرِجَ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ إِيذَانًا بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَا مَحَالَةَ كَالْمَأْمُورِ الْمُمْتَثِلِ لِيَقْطَعَ مَعَاذِيرَ الضَّالِّ، وَيُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [فَاطِرٍ: ٣٧] وَكَقَوْلِهِمْ: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً [آلِ عِمْرَانَ: ١٧٨] وَثَانِيهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَذَابِ عَذَابٌ يَحْصُلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِمَّا السَّاعَةَ الْمُرَادُ مِنْهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ثُمَّ الْعَذَابُ الَّذِي يَحْصُلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَذَابَ الْقَبْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعَذَابَ الَّذِي سَيَكُونُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ يَعْلَمُونَ مَا يَسْتَحِقُّونَ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَغَيُّرَ أَحْوَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْعِزِّ إِلَى الذُّلِّ، وَمِنَ الْغِنَى إِلَى الْفَقْرِ، وَمِنَ الصِّحَّةِ إِلَى الْمَرَضِ، وَمِنَ الْأَمْنِ إِلَى الْخَوْفِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَسْلِيطَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا نَالَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ مَذْكُورَةٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَمَا يُعَامِلُ الْكُفَّارَ بِمَا/ ذَكَرَهُ فَكَذَلِكَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهْتَدِينَ هُدًى، وَاعْلَمْ أَنَّا نُبَيِّنُ إِمْكَانَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَقْلِ، فَنَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الِاهْتِدَاءِ مَشْرُوطًا بِالْبَعْضِ فَإِنَّ حَاصِلَ الِاهْتِدَاءِ يَرْجِعُ إِلَى الْعِلْمِ وَلَا امْتِنَاعَ فِي كَوْنِ بَعْضِ الْعِلْمِ مَشْرُوطًا بِالْبَعْضِ، فَمَنِ اهْتَدَى بِالْهِدَايَةِ الَّتِي هِيَ الشَّرْطُ صَارَ بِحَيْثُ لَا

صفحة رقم 561
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية