
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٤١)
الأمر للنبي - ﷺ -، والكتاب هو القرآن، و (ال) للاستغراق، المعنى أي أنه هو الكتاب الجدير بأن يسمى كتابا، وهو الكامل والستغرق لكل صفات الكمال، والقصر فيه قصر إضافي، أي أنه لَا كتاب يوصف بالكمال المطلق سواه، وقوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) والصِّدِّيق هو البالغ أقصى درجات الصدق في القول والعمل والإذعان للحق، وهو الذي يصدق الحق إذا ألقي إليه، لَا يماري فيه ولا يمتنع عن الإقرار به والإذعان له، وأي دلالة أبلغ من التصديق والإذعان عندما رأى في المنام أنه يذبح ابنه فَهَمَّ بأن يذبحه، وقد قال تعالى في ذلك: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا

تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩).
وهو نبي من أولي العزم من الرسل، وَجَدُّ خاتم النبيين.
وإن هذا الجزء من قصة إبراهيم فيه علاقة الأبوة بإبراهيم واحترامها والتلطف فيها والرفق بها والمحبة لها.
قال تعالى عنه مخاطبا أباه:
(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣)
ابتدأ بندائه بقوله: (يَا أَبَتِ) وهو نداء المحبة العاطفة المقربة، وذلك شأن الداعي الكامل يبتدئ بما يقرب ولا ينفر.