آيات من القرآن الكريم

وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا
ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ

مع القدرة على الذكر والتسبيح كما هو المفهوم من تخصيص الناس ثَلاثَ لَيالٍ مع ايامهن للتصريح بها فى سورة آل عمران سَوِيًّا حال من فاعل تكلم مفيد لكون انتفاء التكلم بطريق الاضطرار دون الاختيار اى تمنع الكلام فلا تطيق به حال كونك سوى الخلق سليم الجوارح ما بك شائبة بكم ولا خرس قالوا رجع تلك الليلة الى امرأته فقربها ووقع الولد فى رحمها فلما أصبح امتنع عليه الكلام الناس فَخَرَجَ صبيحة حمل امرأته عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ من المصلى او من الغرفة وكانوا من وراء المحراب ينتظرون ان يفتح لهم الباب فيدخلوه ويصلوا إذ خرج عليهم متغيرا لونه فانكروه صامتا وقالوا مالك يا زكريا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ اى اومأ إليهم لقوله تعالى إِلَّا رَمْزاً أَنْ سَبِّحُوا ان اما مفسرة لا وحي او مصدرية والمعنى اى صلوا او بان صلوا بُكْرَةً هى من طلوع الفجر الى وقت الضحى وَعَشِيًّا هو من وقت زوال الشمس الى ان تغرب وهما ظرفا زمان للتسبيح عن ابى العالية ان المراد بهما صلاة الفجر وصلاة العصر او نزهوا ربكم طرفى النهار وقولوا سبحان الله ولعله كان مأمورا بان يسبح شكرا ويأمر قومه بذلك كما فى الإرشاد يقول الفقير هو الظاهر لان معنى التسبيح فى هذه الموضع تنزيه الله تعالى عن العجز عن خلق ولد يستبعد وقوعه من الشيخين لان الله على كل شىء قدير وقد ورد فى الاذكار (لكل اعجوبة سبحان الله) وفى التأويلات النجمية فى قوله يا زَكَرِيَّا الى بُكْرَةً وَعَشِيًّا اشارة الى بشارات منها انه تعالى ناداه باسمه زكريا وهذه كرامة منه ومنها انه سماه يحيى ولم يجعل له من قبل سميا بالصورة والمعنى اما بالصورة فظاهر واما بالمعنى فانه ما كان محتاجا الى شهوة من غير علة ولم يهمّ الى معصية قط وما خطر بباله همها كما اخبر عن حاله النبي عليه السلام وفى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا اشارة الى انه تعالى يتولى تسمية كل انسان قبل خلقه وما سمى أحد الا بالهام الله كما ان الله تعالى الهم عيسى عليه السلام حين قال وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ وفى قوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ الآية اشارة الى ان اسباب حصول الولد منفية من الو الدين بالعقر والكبر وهى من السنة الالهية فان من السنة ان يخلق الله الشيء من الشيء كقوله وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ومن القدرة انه تعالى يخلق الشيء من لا شىء فقال أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ اى أمن السنة أم من القدرة فاجابه الله تعالى بقوله قالَ كَذلِكَ اى الأمر لا يخلو من السنة او القدرة وفى قوله قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ اشارة الى ان كلا الامرين على هين ان شئت أرد عليكما اسباب حصول الولد من القوة على الجماع وفتق الرحم بالولد كما جرت به السنة وان شئت اخلق لك ولدا من لا شىء بالقدرة كما خلقتك من قبل ولم تك شيأ اى خلقت روحك من قبل جسدك من لا شىء بامر كن ولهذا قال تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وهو أول مقدور تعلقت القدرة به: وفى المثنوى

آب از جوشش همى كردد هوا وان هوا كردد ز سردى آبها «١»
بلكه بي اسباب بيرون زين حكم آب رويانيد تكوين از عدم
تو ز طفلى چون سببها ديده در سبب از جهل بر چفسيده
يا يَحْيى على ارادة القول اى ووهبنا له يحيى وقلنا له يا يحيى قال الكاشفى [القصة سه
(١) در اواخر دفتر سوم در بيان قصه فرياد رسيدن رسول الله ﷺ كاروان عرب إلخ

صفحة رقم 318

روز بدين منوال كذشت پس بحال خود آمد ويحيى عليه السلام بعد از مضى مدت حمل متولد شد ودر كودكى پلاس پوشيده با أحبار در عبادت بطريق رياضت موافقت مى نمود تا وقتى كه وحي بدو فرود آمد واز حق سبحانه وتعالى خطاب رسيد كه يا يحيى] خُذِ الْكِتابَ اى التوراة بِقُوَّةٍ بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد قال فى الجلالين اى أعطيتكها وقويتك على حفظها والعمل بما فيها قال المولى الجامى فى شرح الفصوص لولا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق فى زكريا وزوجته تعدت منهما الى يحيى ولذلك قال له الحق يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ قال فى الاسئلة المقحمة أي دليل فيها على المعتزلة الجواب انه دليل على ان الاسم والمسمى واحد لانه تعالى قال اسْمُهُ يَحْيى ثم نادى الشخص فقال يا يَحْيى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ حال كونه صَبِيًّا قال ابن عباس الحكم النبوة استنبأه الله تعالى وهو ابن ثلاث سنين او سبع وانما سميت النبوة حكما لان الله تعالى احكم عقله فى صباه واوحى اليه وقيل الحكم الحكمة وفهم التوراة والفقه فى الدين فهو بمعنى المنع ومنه الحاكم لانه يمنع الظالم من الظلم والحكمة ما يمنع الشخص من السفه- روى- انه دعاه الصبيان الى اللعب فقال ما للعب خلقنا قال الكاشفى [درين سخن پندى عظيم است بيخبران بازيچهـ كاه غفلت را كه عمر عزيز ببازى ميكذرانند وبدام فريب إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ مقيد شده اند]

عمر ببازيچهـ بسر ميبرى پاى باندازه بدر ميبرى
به كه ز بازى جهان پاكشى طفل نه چند ببازى خوشى
يقول الفقير مثل يحيى عليه السلام فى هذه الامة المرحومة الشيخ العارف المحقق سهل بن عبد الله التستري قدس سره فانه تم له امر السلوك من ثلاث سنين الى سبع سنين كما سمعت من شيخى وسندى روح الله روحه يعنى وقع له الانكشاف والإلهام وظهر له الحال التام وهو ابن ثلاث سنين فكان ما كان الى سبع فسبحان القادر وهذا من لطافة الحجاب واما من كان كثيف الحجاب فيحتاج فى إزالته الى مجاهدات شاقة فى مدة طويلة واعلم ان روح الكامل سريع التعلق ببدنه يعنى ان مادة النطفة تصل سريعا الى الأبوين فيحصل العلوق والولادة على احسن وصف وفى اعدل زمان فيجيئ الولد غالبا عليه احكام الوجوب اللهم أعنا على ازالة الحجب الظلمانية والنورانية واجعلنا مكاشفين للانوار الربانية وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا عطف على الحكم وتنوينه للتفخيم وهو التحنن والاشتياق يقال حنّ اى ارتاح واشتاق ثم استعمل فى العطف والرأفة اى وآتيناه رحمه عظيمة عليه كائنة من جنابنا او رحمة فى قلبه وشفقة على أبويه وغيرهما وَزَكاةً اى طهارة من الذنوب قال الامام لم تدعه شفقته الى الإخلال بواجب لان الرأفة ربما أورثت ترك الواجب ألا ترى الى قوله تعالى وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ فالمعنى جمعنا له التعطف عليهم مع الطهارة عن الإخلال بالواجبات انتهى او صدقة اى تصدق الله به على أبويه او وفقناه للتصدق على الناس وَكانَ تَقِيًّا مطيعا متجنبا عن المعاصي لم يعمل خطيئة ولم يهم بها قط وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ
عطف على تقيا اى بارّا بها لطيفا بهما محسنا إليهما وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا

صفحة رقم 319
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية