آيات من القرآن الكريم

فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا
ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕ

﴿ترهقني﴾ مع قوله: ﴿مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ قول ابن عباس، والكلبي. وقول الفراء بعيد في تفسير الآية، لا يحسن أن نقول: لا تعجلني من أمري عسرا، والله أعلم.
٧٤ - وقوله تعالى: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ﴾ في حديث أبي بن كعب: (أنهما خرجا مع الصبيان فقال به هكذا، كأنه اجتذب رأسه فقلعه. وأشار عبد الرزاق (١) حين روى هذا الحديث بأصابعه الثلاثة: السبابة، والوسطى، والإبهام وفتحها) (٢).
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: (أن ذلك الغلام كان من أحسن أولئك الغلمان وأصبحهم) (٣).
وقال أبو العالية: (كان الخضر عبدًا لا تراه الأعين، ورآه موسى، ولو رآه الناس يقتله ما تركوه) (٤).

(١) عبد الرزاق بن همام بن نافع الحافظ أبو بكر الحميري بالولاء، من علماء اليمن، حدث عن جماعة منهم: الأوزاعي، والثوري، ومالك بن أنس، وحدث عنه: الإمام أحمد وغيره. توفي -رحمه الله- سنة ٢١١ هـ.
انظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٥٤٨، "ميزان الاعتدال" ٢/ ٦٠٩، "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٥٦٣.
(٢) "تفسير القرآن" للصنعاني ١/ ٣٤٠، "معالم التنزيل" ٥/ ١٩٠، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٦٤.
وسبق تخريج الحديث في أول القصة.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦. وذكر نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ أ، وكذلك السمرقندي في "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٨.
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٠، "فتح القدير" ٣/ ٤٣٦ وقال رحمه الله: وأقول ينبغي أن ينظر من أين له هذا؟ فإن لم يكن مستندًا إلاَّ قوله: ولو رآه القوم.. الخ، فليس ذلك بموجب لما ذكره، أما أولاً: فإن من الجائز أن يفعل ذلك من غير أن =

صفحة رقم 90

قال موسى حين رأى ذلك: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ قال ابن عباس ومجاهد: (لم يبلغ الحلم) (١). ومعنى الزاكية: الطاهرة من الذنوب، وذلك؛ لأنه كان صغيرًا لم يبلغ حد التكليف. وقرئ: زاكيه (٢). وهي البرئية من الذنوب. كذا قال الأعمش وغيره، وهو قول أبي إسحاق (٣). وقال الفراء: (الزَاكِية والزَكِية مثل: القَاسِية والقَسِية) (٤).
قال الليث: (الزكاة: الصلاح) (٥). ورجل زاكٍ وزَكِي أي: تَقِي، ومنه قوله تعالى: ﴿خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً﴾ [الكهف: ٨١] أي: صلاحًا.
قال الكسائي: (والفعل منه زَكَوْتُ، يزْكُو، زُكُوًا، وزكاءً ممدود) (٦). هذا الذي ذكرنا أنه كان صبيًا لم يبلغ الحنث، قول أكثر المفسرين (٧).

= يراه أهل السفينة وأهل الغلام، لا لكونه لا تراه الأعين بل لكونه فعل ذلك من غير إطلاعهم. وأما ثانيًا: فيمكن أن أهل السفينة وأهل الغلام قد عرفوه وعرفوا أنه لا يفعل ذلك إلا بأمر من الله كما يفعل الأنبياء، فسلموا لأمر الله.
وانظر: "أضواء البيان" للشنقيطي ٤/ ١٧٣.
(١) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب، و"زاد المسير" ٥/ ١٧٢.
(٢) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمر: (زاكية) بالألف.
وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (زكية) بغير ألف مع التشديد.
انظر: "السبعة" ص ٣٩٥، "المبسوط في القراءات" ص ٢٣٧، "التبصرة" ص ٢٥٠، "حجة القراءات" ص ٤٢٤، "النشر" ٢/ ٣١٣.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ٣٠٣، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٥.
(٥) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢.
(٦) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١/ ب، وذكر نحوه بدون نسبة "تهذيب اللغة" (زكا).
(٧) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٦٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٨، "زاد المسير" ٥/ ١٧٢.

صفحة رقم 91

وقال الضحاك: (كان غلامًا يعمل بالفساد ويتأذى منه أبواه) (١).
وقال الكلبي: (كان يقطع الطريق) (٢). وعلى هذا معنى قوله: "زاكية" ما قال قتادة: (الزاكية التائبة) (٣). يعني النامية، وكل شيء يزداد ويسمن فهو يزكو، زكاء والمعنى: أنه كان غلامًا مقتبل الشباب (٤). أو تقول معنى زاكية على تفسير الضحاك والكلبي: (أنها كانت زاكية في رأي العين؛ لأنه لم يجن جناية توجب قتله بحضرة موسى) (٥).
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد من غير قود) (٦). والمعنى: بغير قتل نفس: ﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئا نُكْراً﴾ أي: فظيعًا منكرًا لا يعرف. قال قتادة: (والنكر أشد من الإمر) (٧). وهو اختيار ابن كيسان (٨). والمعنى على هذا: لقد جئت شيئًا أنكر من الأول.
وقال أبو إسحاق: (و ﴿نُّكْرًا﴾ أقل من قوله: ﴿إِمْرًا﴾؛ لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة) (٩). وانتصاب قوله: {شَيْئًا

(١) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١.
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٢، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٩.
(٤) "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٩، "زاد المسير" ٥/ ١٧٣.
(٥) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٦) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦ بغير نسبة.
(٧) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٧، "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "النكت والعيون" ٣/ ٣٣٠، "الدر المنثور" ٤/ ٤٢٨.
(٨) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٣.

صفحة رقم 92
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية