
﴿ترهقني﴾ مع قوله: ﴿مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ قول ابن عباس، والكلبي. وقول الفراء بعيد في تفسير الآية، لا يحسن أن نقول: لا تعجلني من أمري عسرا، والله أعلم.
٧٤ - وقوله تعالى: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ﴾ في حديث أبي بن كعب: (أنهما خرجا مع الصبيان فقال به هكذا، كأنه اجتذب رأسه فقلعه. وأشار عبد الرزاق (١) حين روى هذا الحديث بأصابعه الثلاثة: السبابة، والوسطى، والإبهام وفتحها) (٢).
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: (أن ذلك الغلام كان من أحسن أولئك الغلمان وأصبحهم) (٣).
وقال أبو العالية: (كان الخضر عبدًا لا تراه الأعين، ورآه موسى، ولو رآه الناس يقتله ما تركوه) (٤).
انظر: "طبقات ابن سعد" ٥/ ٥٤٨، "ميزان الاعتدال" ٢/ ٦٠٩، "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٥٦٣.
(٢) "تفسير القرآن" للصنعاني ١/ ٣٤٠، "معالم التنزيل" ٥/ ١٩٠، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٦٤.
وسبق تخريج الحديث في أول القصة.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦. وذكر نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ أ، وكذلك السمرقندي في "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٨.
(٤) "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٠، "فتح القدير" ٣/ ٤٣٦ وقال رحمه الله: وأقول ينبغي أن ينظر من أين له هذا؟ فإن لم يكن مستندًا إلاَّ قوله: ولو رآه القوم.. الخ، فليس ذلك بموجب لما ذكره، أما أولاً: فإن من الجائز أن يفعل ذلك من غير أن =

قال موسى حين رأى ذلك: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ قال ابن عباس ومجاهد: (لم يبلغ الحلم) (١). ومعنى الزاكية: الطاهرة من الذنوب، وذلك؛ لأنه كان صغيرًا لم يبلغ حد التكليف. وقرئ: زاكيه (٢). وهي البرئية من الذنوب. كذا قال الأعمش وغيره، وهو قول أبي إسحاق (٣). وقال الفراء: (الزَاكِية والزَكِية مثل: القَاسِية والقَسِية) (٤).
قال الليث: (الزكاة: الصلاح) (٥). ورجل زاكٍ وزَكِي أي: تَقِي، ومنه قوله تعالى: ﴿خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً﴾ [الكهف: ٨١] أي: صلاحًا.
قال الكسائي: (والفعل منه زَكَوْتُ، يزْكُو، زُكُوًا، وزكاءً ممدود) (٦). هذا الذي ذكرنا أنه كان صبيًا لم يبلغ الحنث، قول أكثر المفسرين (٧).
وانظر: "أضواء البيان" للشنقيطي ٤/ ١٧٣.
(١) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب، و"زاد المسير" ٥/ ١٧٢.
(٢) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمر: (زاكية) بالألف.
وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (زكية) بغير ألف مع التشديد.
انظر: "السبعة" ص ٣٩٥، "المبسوط في القراءات" ص ٢٣٧، "التبصرة" ص ٢٥٠، "حجة القراءات" ص ٤٢٤، "النشر" ٢/ ٣١٣.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ٣٠٣، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٥.
(٥) "تهذيب اللغة" (زكا) ٢/ ١٥٤٢.
(٦) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١/ ب، وذكر نحوه بدون نسبة "تهذيب اللغة" (زكا).
(٧) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٦٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٨، "زاد المسير" ٥/ ١٧٢.

وقال الضحاك: (كان غلامًا يعمل بالفساد ويتأذى منه أبواه) (١).
وقال الكلبي: (كان يقطع الطريق) (٢). وعلى هذا معنى قوله: "زاكية" ما قال قتادة: (الزاكية التائبة) (٣). يعني النامية، وكل شيء يزداد ويسمن فهو يزكو، زكاء والمعنى: أنه كان غلامًا مقتبل الشباب (٤). أو تقول معنى زاكية على تفسير الضحاك والكلبي: (أنها كانت زاكية في رأي العين؛ لأنه لم يجن جناية توجب قتله بحضرة موسى) (٥).
وقوله تعالى: ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد من غير قود) (٦). والمعنى: بغير قتل نفس: ﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئا نُكْراً﴾ أي: فظيعًا منكرًا لا يعرف. قال قتادة: (والنكر أشد من الإمر) (٧). وهو اختيار ابن كيسان (٨). والمعنى على هذا: لقد جئت شيئًا أنكر من الأول.
وقال أبو إسحاق: (و ﴿نُّكْرًا﴾ أقل من قوله: ﴿إِمْرًا﴾؛ لأن تغريق من في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة) (٩). وانتصاب قوله: {شَيْئًا
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٢، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦، "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٩.
(٤) "النكت والعيون" ٣/ ٣٢٩، "زاد المسير" ٥/ ١٧٣.
(٥) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦، "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٦) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٦ بغير نسبة.
(٧) "جامع البيان" ١٥/ ٢٨٧، "معالم التنزيل" ٥/ ١٩١، "النكت والعيون" ٣/ ٣٣٠، "الدر المنثور" ٤/ ٤٢٨.
(٨) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩١ ب.
(٩) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٣.