آيات من القرآن الكريم

قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

مقاتل. والثاني: الرِّقة والحُنُوُّ على من يستحقه، ذكره ابن الأنباري. والثالث: النِّعمة، قاله أبو سليمان الدمشقي. قوله تعالى: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا أي: من عندنا عِلْماً قال ابن عباس: أعطاه علما من علم الغيب.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٦ الى ٦٩]
قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩)
قوله تعالى: أَنْ تُعَلِّمَنِ قرأ ابن كثير: «تعلمني مما» بإثبات الياء في الوصل والوقف. وقرأ نافع، وأبو عمرو بياء في الوصل. وقرأ ابن عامر، وعاصم بحذف الياء في الحالين.
قوله تعالى: مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «رُشداً» بضم الراء، وَإسكان الشين خفيفة. وقرأ أبو عمرو: «رَشَداً» بفتح الراء والشين. وعن ابن عامر بضمهما. والرُّشْد، والرَّشَد: لغتان، كالبخل والبخل، والعُجْم والعَجَم، والعُرْب والعَرَب، والمعنى:
أن تعلمني عِلْماً ذا رشد. وهذه القصة قد حرَّضت على الرحلة في طلب العلم، واتِّباع المفضول للفاضل طلباً للفضل، وحثَّت على الأدب والتواضع للمصحوب.
قوله تعالى: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قال ابن عباس: لن تصبر على صنعي، لأني علمت من غيب علم ربي. وفي هذا الصّبر وجهان: أحدهما: عن الإِنكار. والثاني: عن السؤال.
قوله تعالى: وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً الخُبْر: عِلْمك بالشيء والمعنى: كيف تصبر على أمر ظاهره مُنْكر، وأنت لا تعلم باطنه؟! قوله تعالى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً قال ابن الأنباري: نفي العصيان منسوق على الصبر. والمعنى: ستجدني صابرا ولا أعصي إن شاء الله.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٧٠ الى ٧٨]
قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤)
قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧) قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨)
قوله تعالى: فَلا تَسْئَلْنِي قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «فلا تسألْني» ساكنة اللام. وقرأ نافع: «تسأَلَنِّي» مفتوحة اللام مشددة النون. وقرأ ابن عامر في رواية الداجوني: «فلا تسألَنِّ عن شيء» بتحريك اللام من غير ياء، والنون مكسورة. والمعنى: لا تسألني عن شيء مما أفعله حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً أي: حتى أكون أنا الذي أُبيِّنه لك، لأن عِلْمه قد غاب عنك.

صفحة رقم 98

قوله تعالى: خَرَقَها أي: شقَّها. قال المفسرون: قلع منها لوحاً، وقيل: لوحين مما يلي الماء، فحشاها موسى بثوبه وأنكر عليه ما فعل بقوله: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: لتُغرِق بالتاء أهلَها بالنصب. وقرأ حمزة، والكسائي: «ليغرق» بالياء، أهلها برفع اللام. قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: منكراً، قاله مجاهد.
وقال الزجاج: عظيماً من المنكر. والثاني: عجباً، قاله قتادة، وابن قتيبة. والثالث: داهية، قاله أبو عبيدة. قوله تعالى: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ في هذا النسيان ثلاثة أقوال «١» : أحدها: أنه على حقيقته، وأنه نسي.
(٩٣٩) روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أن الأولى كانت نسياناً من موسى».
والثاني: أنه لم ينس، ولكنه من معاريض الكلام، قاله أُبيّ بن كعب، وابن عباس. والثالث: أنه بمعنى التَّرك. فالمعنى: لا تؤاخذني بما تركته مما عاهدتك عليه، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: وَلا تُرْهِقْنِي قال الفراء: لا تُعجلني. وقال أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج: لا تُغْشِني. قال أبو زيد: يقال: أرهقتُه عسراً: إِذا كلفتَه ذلك. قال الزجاج: والمعنى: عاملني باليُسْرِ، لا بالعُسْرِ. قوله تعالى: فَانْطَلَقا يعني: موسى والخضر. قال الماوردي: يحتمل أن يوشع تأخر عنهما، لأن الإِخبار عن اثنين، ويحتمل أن يكون معهما ولم يذكر لأنه تَبَعٌ لموسى، فاقتصر على حكم المتبوع.
قوله تعالى: حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً اختلفوا في هذا الغلام هل كان بالغاً، أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنه لم يكن بالغاً، قاله ابن عباس، ومجاهد، والأكثرون. والثاني: أنه كان شابّاً قد قبض على لحيته، حكاه الماوردي عن ابن عباس أيضاً، واحتج بأن غير البالغ لم يجر عليه قلم، فلا يستحق القتل. وقد يُسمَّى الرجلُ غلاماً، قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:
شَفَاها من الدَّاءِ العضال الذي بها «٢»
وفي صفة قتله له ثلاثة أقوال: أحدها: أنه اقتلع رأسه، وقد ذكرناه في حديث أبيّ. والثاني: كسر عنقه، قاله ابن باس. والثالث: أضجعة وذبحه بالسكين، قاله سعيد بن جبير.
قوله تعالى: «أقتلت نفساً زاكية» قرأ الكوفيون، وابن عامر: «زكيَّة» بغير ألف، والياء مشددة.
وقرأ الباقون بالألف من غير تشديد. قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد، وهما بمنزلة القاسية، والقَسيّة. وللمفسرين فيها ستة أقوال: أحدها: أنها التائبة، روي عن ابن عباس أنه قال: الزكية: التائبة، وبه قال الضحاك. والثاني: أنها المسلمة، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث: أنها الزكية التي لم تبلغ الخطايا، قاله سعيد بن جبير. والرابع: أنها الزكية النامية، قاله قتادة. وقال ابن الأنباري: القويمة في تزكيتها. والخامس: أن الزكية: المطهرة، قاله أبو عبيدة. والسادس: أن الزكية: البريئة التي لم يظهر ما

هو بعض الحديث المتقدم برقم ٩٣٥.
__________
(١) قال الطبري رحمه الله ٨/ ٢٥٨: والصواب من القول أن يقال: أن موسى سأل صاحبه أن لا يؤاخذه بما نسي فيه عهده من سؤاله إياه على وجه ما فعل وسببه لا بما سأله عنه وهو لعهده ذاكر للصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
(٢) هو صدر بيت وعجزه: غلام إذا هزّ القناة سقاها. كما في «الأغاني» ١١/ ٢٤٨ و «البحر المحيط» ٦/ ١٤١.

صفحة رقم 99

يوجب قتلها، قاله الزجاج. وقد فَرَّق بعضهم بين الزاكية، والزكيَّة، فروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: الزاكية: التي لم تذنب قطُّ، والزكية: التي أذنبت ثم تابت. وروي عن أبي عبيدة أنه قال: الزاكية في البدن، والزكية في الدِّين.
قوله تعالى: بِغَيْرِ نَفْسٍ أي: بغير قتل نفس لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: نكْراً خفيفة في كل القرآن، إلّا قوله: إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ «١» وخفف ابن كثير أيضاً «إِلى شيء نُكْر». وقرأ ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «نُكُراً» و «إِلى شيء نُكْر». مثقل. والمخفف إِنما هو من المثقل، كالعُنْق، والعُنُق، والنُكْر، والنُكُر. قال الزجاج: والمعنى: لقد أتيت شيئاً نكراً.
ويجوز أن يكون معناه: جئت بشيء نكر، فلما حذف الباء، أفضى الفعل فنصب نكرا، ونكرا أقل منكراً من قوله: «إِمراً» لأن تغريق مَنْ في السفينة كان عنده أنكر من قتل نفس واحدة.
قوله تعالى: قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ. إِن قيل: لم ذكر لَكَ ها هنا، واختزله من الموضع الذي قبله؟
فالجواب: أن إثباته للتّوكيد، واختزاله له لوضوح المعنى، وكلاهما معروف عند الفصحاء. تقول العرب: قد قلت لك: اتق الله. وقد قلت لك: يا فلان اتق الله، وأنشد ثعلب:
قد كنتُ حَذَّرْتُكَ آلَ المصْطَلِقْ... وقلتُ: يا هَذا أَطِعْنِي وَانْطَلِقْ
فقوله: يا هذا، توكيد لا يختل الكلام بسقوطه. وسمعت الشيخ أبا محمد الخشاب يقول: وقَّره في الأول، فلم يواجهه بكاف الخطاب، فلما خالف في الثاني، واجهه بها.
قوله تعالى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ أي: سؤال توبيخ وإِنكار بَعْدَها أي: بعد هذه المسألة فَلا تُصاحِبْنِي وقرأ كذلك معاذ القارئ، وأبو نهيك، وأبو المتوكل، والأعرج، إِلا أنهم شدَّدوا النون. قال الزجاج: ومعناه: إِن طلبتُ صحبتك فلا تُتَابعني على ذلك. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وابن أبي عبلة، ويعقوب: «فلا تَصحبني» بفتح التاء من غير ألف. وقرأ ابن مسعود، وأبو العالية، والأعمش كذلك، إِلا أنهم شددوا النون. وقرأ أبو رجاء، وأبو عثمان النهدي، والنخعي، والجحدري: «تُصْحِبْني» بضم التاء، وكسر الحاء، وسكون الصاد والباء. قال الزجاج: فيهما وجهان: أحدهما: لا تتابعني في شيء ألتمسه منك. يقال: قد أصحب المهر: إِذا انقاد. والثاني: لا تصحبني علماً من علمك. قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: مِنْ لَدُنِّي مثقل. وقرأ نافع: «من لدُني» بضم الدال مع تخفيف النون. وروى أبو بكر عن عاصم: «من لَدْني» بفتح اللام مع تسكين الدال. وفي رواية أخرى عن عاصم: «لُدْني» بضم اللام وتسكين الدال. قال الزجاج: وأجودها تشديد النون، لأن أصل «لدن» الإِسكان، فاذا أضفتها إِلى نفسك زدت نوناً، ليسلم سكون النون الأولى، تقول: من لدن زيد، فتسكِّن النون ثم تضيف إِلى نفسك، فتقول: من لدنِّي، كما تقول: عن زيد وعنِّي. فأما إِسكان دال «لَدْني» فإنهم أسكنوها، كما تقول في عضُد: عَضْد، فيحذفون الضم. قال ابن عباس: يريد: إِنك قد أُعذرت فيما بيني وبينك، يعني: أنك قد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبراً.
قوله تعالى: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ فيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها أنطاكيّة، قاله ابن

(١) سورة القمر: ٦. [.....]

صفحة رقم 100

عباس. والثاني: الأُبُلَّة، قاله ابن سيرين. والثالث: باجروان، قاله مقاتل. قوله تعالى: اسْتَطْعَما أَهْلَها أي: سألاهم الضيافة فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما روى المفضل عن عاصم: «يُضيفوهما» بضم الياء الأولى وكسر الضاد وتخفيف الياء الثانية. وقرأ أبو الجوزاء كذلك، إِلا أنه فتح الياء الأولى وقرأ الباقون: «يضيِّفوهما» بفتح الضاد وتشديد الياء الثانية وكسرها. قال أبو عبيدة: ومعنى يضيِّفوهما:
ينزلوهما منزل الأضياف، يقال: ضِفت أنا، وأضافني الذي يُنزلني. وقال الزجاج: يقال: ضِفتُ الرجل: إِذا نزلت عليه، وأضفته: إذا أنزلته وقريته. قال ابن قتيبة: يقال: ضيفت الرجل: إِذا أنزلتَه منزلة الأضياف، ومنه هذه الآية، وأضفته: أنزلته، وضِفته: نزلت عليه.
(٩٤٠) وروى أُبيُّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «كانوا أهل قرية لئاماً».
قوله تعالى: فَوَجَدا فِيها جِداراً أي: حائطاً. قال ابن فارس: وجمعه جُدُر، والجَدْر: أصل الحائط. ومنه حديث الزبير: «ثم دع الماء يرجع إِلى الجَدْر» «١»، والجيدر: القصير.
قوله تعالى: يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو رجاء: «ينقاض» بألف ممدودة، وضاد معجمة، وقرأ ابن مسعود، وأبو العالية، وأبو عثمان النهدي: «ينقاص» بألف ومدة وصاد غير معجمة، وكلُّه بلا تشديد. قال الزجاج: فمعنى: ينقضَّ: يسقط بسرعة، وينقاص، غير معجمة: ينشق طولاً، يقال: انقاصت سنّه: إذا انشقّت. قال ابن مقسم: يقال انقاصت سِنُّه، وانقاضت- بالصاد، والضاد- على معنى واحد.
فإن قيل: كيف نسبت الإِرادة إِلى ما لا يعقل؟
فالجواب: أن هذا على وجه المجاز تشبيهاً بمن يعقل، ويريد: لأن هيأته في التهيؤ للوقوع قد ظهرت كما يظهر من أفعال المريدين القاصدين، فوصفت بالإِرادة إِذ كانت الصورتان واحدة، وقد أضافت العرب الأفعال إلى ما لا يعقل تجوّزا، قال الله عزّ وجلّ: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى «٢» والغضب لا يسكت، وإِنما يسكت صاحبه، وقال: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ «٣». وأنشدوا من ذلك:

إِنَّ دهْراً يَلُفُّ شَمْلِي بجمل لزمان يهمّ بالإحسان «٤»
وقال آخر:
ضحكوا والدهرُ عنهم سَاكتٌ ثم أبكاهم دما لمّا نطق
وقال آخر:
يُرِيدُ الرُّمْحُ صَدْرَ أَبِي بَرَاءٍ ويرغب عن دماء بني عقيل «٥»
صحيح. أخرجه مسلم ٢٣٨٠ ح ١٧٢ وقد تقدم.
__________
(١) أخرجه البخاري وغيره، وتقدّم.
(٢) سورة الأعراف: ١٥٤.
(٣) سورة محمد: ٢١.
(٤) البيت غير منسوب في «اللسان» - دهر- و «أمالي المرتضى» ٤/ ٥٥، وقد نسبه الآلوسي في «روح المعاني» :
١٦/ ٦ إلى حسان بن ثابت ولم يوجد في ديوانه.
(٥) البيت للراعي كما في «الكشاف» ٢/ ٦٨٩.

صفحة رقم 101
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية