آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا
ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

لجرت عليه، كما تقول: وقعت في هود، تريد في سورة هود، وليس هود اسما للسورة، وإنما عرفت السورة به، فلو سميت السورة بهود لم يجر، فقلت: وقعت في هود يا هذا، فلم يجر، وكذلك لو سمى بني تميم تميما لقيل: هذه تميم قد أقبلت، فتأويل الكلام: وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا، وجعلنا لإهلاكهم موعدا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (٦٠) ﴾
يقول عز ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد إذ قال موسى بن عمران لفتاه يوشع: (لا أَبْرَحُ) يقول: لا أزال أسير (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ).
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (لا أَبْرَحُ) قال: لا أنتهي، وقيل: عنى بقوله: (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) اجتماع بحر فارس والروم، والمجمع: مصدر من قولهم: جمع يجمع.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) والبحران: بحر فارس وبحر الروم، وبحر الروم مما يلي المغرب، وبحر فارس مما يلي المشرق.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله: (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) قال: بحر فارس، وبحر الروم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) قال: بحر الروم، وبحر فارس، أحدهما قِبَل المشرق، والآخر قِبَل المغرب.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ). (١)

(١) بياض بالأصل، وفي الدر عن ابن عباس، " تفسير مجمع البحرين: بملتقى البحرين ".

صفحة رقم 55

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن الضريس، قال: ثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، في قوله: (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) قال: طنجة.
وقوله: (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) يقول: أو أسير زمانا ودهرا، وهو واحد، ويجمع كثيره وقليله: أحقاب وقد تقول العرب: كنت عنده حقبة من الدهر: ويجمعونها حُقبا. وكان بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله (لا أَبْرَحُ) : أي لا أزول، ويستشهد لقوله ذلك ببيت الفرزدق:

فَما بَرِحُوا حتى تَهادَتْ نِساؤُهُمْ ببطْحَاءِ ذِي قارٍ عِيابَ اللَّطائِمِ (١)
يقول: ما زالوا.
وذكر بعض أهل العلم بكلام العرب، أن الحقب في لغة قيس: سنة، فأما أهل التأويل فإنهم يقولون في ذلك ما أنا ذاكره، وهو أنهم اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو ثمانون سنة.
* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن هشيم، قال: ثنا أبو بلج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو، قال: الحقب: ثمانون سنة.
وقال آخرون: هو سبعون سنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) قال: سبعين خريفا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وقال آخرون في ذلك، بنحو الذي قلنا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني
(١) البيت في ديوان الفرزدق طبعة الصاوي ص ٧٧٣ من مقطوعة يمدح بها عبد الله بن عبد الأعلى الشيباني، عدتها تسعة أبيات. والواو في برحوا عائدة على بني تميم الذين فخر بأعمالهم في يوم ذي قار؛ والعياب: جمع عيبة، وهي الحقيبة، اللطائم: جمع لطيمة، وهي الإبل يحمل عليها البر والطيب خاصة. والبيت شاهد على أن بعض أهل العربية يوجه تأويل قوله (لا أبرح) أي لا أزال.

صفحة رقم 56
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية