
إذا كان على قلوبهم اكنة وفي آذانهم وقر أَبَداً (٥٧) لقوات استعداد الاهتداء وهذا في أقوام علم الله فيهم انهم لا يومنون-.
وَرَبُّكَ الْغَفُورُ البليغ في المغفرة ذُو الرَّحْمَةِ الموصوف بالرحمة لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ استشهاد على مغفرته ورحمته بامهال قريش مع افراطهم في عداوة النبي ﷺ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ اى يوم القيامة ويوم بدر لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ اى لن يجدوا إذا جاء الموعد من دون الله مَوْئِلًا (٥٨) اى منجا وملجا يقال وال إذا نجا ووال اليه إذا نجا اليه.
وَتِلْكَ الْقُرى يعنى قرى الأمم الهالكة من الكفا وقوم نوح وعاد وثمود وأشباههم الموصوف مع الصفة مبتدأ- وخبره أَهْلَكْناهُمْ او مفعول فعل مضمر يفسره ما بعده ولا بد من تقدير المضاف في الوصف او الصفة حتى يكون مرجعا للضمائر يعنى اصحب تلك القرى او تلك اصحاب القرى أهلكناهم لَمَّا ظَلَمُوا بالكفر وانواع المعاصي كما ظلم كفار قريش وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ قرأ أبو بكر هاهنا وفي الفل بفتح الميم واللام وحفص بفتح الميم وكسر اللام حملا على ما شذّ من مصادر مفعل كالمرجع والمحيض- والباقون بضم الميم وفتح اللام من أهلكه يعنى لهلاكهم او لاهلاكهم مَوْعِداً (٥٩) اى وقتا معلوما لم يستقدموه ولم يستاخروه فكذلك كفار قريش لا يسبقون موعدهم ولا يستاخرون-.
وَاذكر إِذْ قالَ مُوسى بن عمران كما يدل عليه الحديث الصحيح لِفَتاهُ يوشع بن نون بن إفرائيم بن يوسف عليه السلام قلت لعل نوثا «١» أبا يوشع يكون من ال إفرائيم لبعد الزمان بينهما لا أَبْرَحُ اى لا أزال أسير فحذف الخير لدلالة حاله عليه وهو السفر ودلالة قوله حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ فانها يقتضى تقدير خبر يكون بلوغ مجمع البحرين غاية له ويجوز ان يكون أصله لا ببرح ميبرى حتى ابلغ فيكون الاسم محذوفا أقيم المضاف اليه مقامه فانقلب الضمير والفعل والخبر حينئذ حتّى ابلغ وان يكون لا أبرح تامة بمعنى لا أزال عما انا عليه من السير والطلب ولا أفارقه فلا يستدعى الخبر- ومجمع البحرين ملتقى بحر الفارس والروم مما يلى المشرق كذا قال قتادة وقال محمد بن كعب طنجه «٢» وقال ابى بن كعب افريقيّة أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) او أسير زمانا طويلا في القاموس الحقبة بالضمتين ثمانون سنة او اكثر والدهر والسنة والسنون وإخراج ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابن عباس الحقب الدهر- وقال البغوي
(٢) بفتح مهملة وسكون نون فجيم فتهاء بلد بشاطئ مجر المغرب مجمع البحار ١٢ الفقير الدهلوي.

قال عبد الله بن عمر الحقب ثمانون سنة وقيل سبعون- أخرجه ابن ابى شيبة وابن المنذر وابن ابى حاتم- يعنى يقع أحد الامرين اما البلوغ مجمع البحرين او مضى الحقب وجاز ان يكون او بمعنى الا ان والمعنى لا أبرح أسير حتى ابلغ الا ان امضى زمانا أتيقن معه فوات المجمع- روى البخاري ومسلم عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس ان نوف البكالي يزعم ان موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بنى إسرائيل- فقال ابن عباس- كذب عدو الله حدثنا ابى بن كعب انه سمع رسول الله ﷺ يقول ان موسى قام خطيبا في بنى إسرائيل فسئل اى الناس اعلم قال انا- فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم اليه فاوحى الله اليه ان لى عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك- قال موسى يا رب فكيف لى به قال خذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيث ما فقدت الحوت فهو ثمة- فاخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى أتيا الصخة وو؟؟؟ نا رؤسهما فناما- واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتّخذ سبيله في البحر سرابا وامسك الله عنه جرية الماء فصار عليه مثل الطاق- فلمّا استيقظا نسى صاحبه ان يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى اتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا- قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الّذي امره الله به فقال له قتاه ارايت إذ اوينا الى الصّخرة فانّى نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان وان اذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا- قال وكان الحوت لفتاه سربا ولموسى عجبا- فقال موسى ذلك ما كنّا نبغ فارتدّ على اثارهما قصصا قال رجعا يقصان اثارهما حتى انتهيا الى الصخرة- فاذا رجل مسجىّ ثوبا فسلّم عليه موسى فقال الخضر انّى بأرضك السلام قال انا موسى قال موسى بنى إسرائيل قال نعم أتيتك لتعلمن ممّا علّمت رشدا- قال انّك لن تستطيع معى صبرا يا موسى انى على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علّمك الله لا اعلمه- فقال ستجدنى ان شاء الله صابرا ولا اعصى لك امرا قال الخضر فان اتّبعتنى فلا تسئلنى عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا- فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة فكلموهم ان يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول- فلما ركبا في السفينة لم يفجا الا والخضر قد قلع لوحا من الواح السفينة بالقدوم- فقال موسى قد حملونا بغير نول عمدت الى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا امرا- قال الم اقل انّك لن تستطيع معى صبرا قال لا تواخذنى بما نسيت هو لا ترهقنى من امرى عسرا- قال وقال رسول الله ﷺ كانت الاولى من موسى نسيانا والوسطى شرطا والثالثة عمدا-
صفحة رقم 47