
﴿وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا﴾ قوله عز وجل: ﴿وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءَهم الهُدى﴾ فيه وجهان: أحدهما: وما منع الناس أنفسهم أن يؤمنوا. الثاني: ما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا. وفي هذا الهدي وجهان: أحدهما: حجج الله الدالة على وحدانيته ووجوب طاعته. الثاني: رسول الله ﷺ المبعوث لهداية الخلق. ﴿إلاّ أن تأتيهم سنةُ الأولين﴾ أي عادة الأولين في عذاب الإستئصال. ﴿أو يأتيهم العذاب قبلاً﴾ قرأ عاصم وحمزة والكسائي ﴿قُبُلاً﴾ بضم القاف والباء وفيه وجهان: أحدهما: تجاه، قاله مجاهد. الثاني: أنه جمع قبيل معناه ضروب العذاب. ويحتمل ثالثاً: أن يريد: من أمامهم مستقبلاً لهم فيشتد عليهم هول مشاهدته.
صفحة رقم 318
وقرأ الباقون قِبَلاً بكسر القاف، وفيه وجهان: أحدهما: مقابلة. الثاني: معاينة.
ويحتمل ثالثاً: من قبل الله تعالى بعذاب من السماء، لا من قبل المخلوقين، لأنه يعم ولا يبقى فهو أشد وأعظم. قوله عز وجل: ﴿.. ليُدحضوا به الحقَّ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ليذهبوا به الحق، ويزيلوه، قاله الأخفش. الثاني: ليبطلوا به القرآن ويبدلوه، قاله الكلبي. الثالث: ليهلكوا به الحق. والداحض الهالك، مأخوذ من الدحض وهو الموضع المزلق من الأرض الذي لا يثبت عليه خف ولا حافر ولا قدم، قال الشاعر:
(ردَيت ونجَى اليشكري حِذارُه | وحادَ كما حادَ البعير عن الدحض) |