آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ

إلا أهل الإحسان، ولا بالسيئات إلا أهل السيئة. وتحقيقه: لا يضع ربك العقوبة إلا في موضعها لأن الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه.
قال: ﴿وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمََ فسجدوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن﴾.
أي: واذكر يا محمد إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ترك السجود حسداً لآدم.
وقوله: ﴿كَانَ مِنَ الجن﴾ أي: من الملائكة الذين يقال: لهم الجن. وقيل كان من خزان الجنة فنسب إليها.
وقيل: كان من الجن الذين استخفوا عن أعين الناس أي استتروا.
وقال: ابن عباس كان اسم إبليس قبل أن يركب المعصية عزازيل. وكان من الملائكة من سكان الأرض من أشد الملائكة عبادة واجتهاداً فدعاه الكبر إلى ترك السجود وكان من حي يسمون جنا.
وعنه أيضاً أنه قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال: لهم الجن

صفحة رقم 4401

خلقوا من نار السموم من بين الملائكة. وكان اسمه الحرث، وكان خازناً من خزان الجنة، قال: وخلقت الملائكة من [نور] غير هذا الحي وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار السموم وهي لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.
وقال: ابن المسيب: كان إبليس رئيس الملائكة، ملائكة سماء الدنيا.
وعن ابن عباس كان إبليس من خزان الجنة، وكان يدير أمر سماء الدنيا. وعنه كان إبليس من أشراف الملائكة و [أ] كرمهم قبيلة وكان خازناً على الجنان، وكان له سلطان السماء الدنيا، وكان له سلطان الأرض. وكان فيما قضى الله تعالى أنه رأى أن له بذلك شرفاً وعظمة على أهل السماء فوقع في قلبه من ذلك كبر لا يعلمه إلا الله [ تعالى] فلما كان عند السجود، حين أمر أن يسجد لآدم [ ﷺ] استخرج الله تعالى كبره عند السجود فلعنه وأخره إلى يوم الدين.
وعن ابن عباس أنه قال: إن الملائكة قبيلة من الجن وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السماء والأرض فعصى، فسخط الله [ تعالى] عليه

صفحة رقم 4402

فمسخه شيطاناً رجيماً لعنه الله ممسوخاً. وقال: إذا كانت خطيئة الرجل في كِبْر فلا ترجه، وإن كانت خطيئته في معصية فارجه. وكانت خطيئة آدم [ ﷺ] في معصية وخطيئة إبليس في كبر.
وقال: ابن عباس: لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود.
وقال: قتادة إنما سمي من الجن لأنه جن عن طاعة ربه. يريد أنه استتر عنها فلم يفعلها. وقال: الحسن: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وأنه لأصل للجن، كما أن آدم [ ﷺ] أصل للإنسان. وقال: ابن / جبير: كان من الجنانين الذين يعملون في الجنان فلذلك قال: ﴿[كَانَ] مِنَ الجن﴾.
فمن جعله ليس من الملائكة ينقض قوله قول الله [ تعالى] ﴿ وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمََ﴾ لم ير غير الملائكة.
وقال: من أجاز ذلك: إن معنى أن الله أمره مع الملائكة بالسجود فاستثني، فهو استثناء ليس من الأول.

صفحة رقم 4403

ثم قال: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾.
أي: فعدل عن أمر ربه وخرج عنه، والفسق العدول والخروج عن الاستقامة. وقال: قطرب معناه ففسق عن [رده] أمر ربه [ تعالى].
والمعنى عند الخليل وسيبويه أتاه الفسق لما أمر فعصى. وكان سبب فسقه الأمر بالسجود.
ثم قال: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾.
أي: فتوالون يا بني آدم من استكبر على أبيكم وأغواه حتى أخرده من الجنة فكان ذلك سبب خروجكم منها. وتتركون طاعة ربكم الذي أنعم عليكم وأسجد ملائكته لأبيكم آدم [ ﷺ]. وذرية إبليس هم الشياطين الذين يغوون بني آدم.

صفحة رقم 4404
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية