آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا﴾ مَكْتُوبًا مُثْبَتًا فِي كِتَابِهِمْ ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ أَيْ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا.
وَقَالَ الضَّحَاكُ: لَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا بِجُرْمٍ لَمْ يَعْمَلْهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ: "يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرْضَاتٍ فَأَمَّا الْعَرْضَتَانِ: فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ وَأَمَّا الْعَرْضَةُ الثَّالِثَةُ: فَعِنْدَ ذَلِكَ تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ" وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي مُوسَى (١).
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ يَقُولُ: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ﴿فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ مِنْ حَيٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢). وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ مِنَ الْجِنِّ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَهُوَ أَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْإِنْسِ (٣) ﴿فَفَسَقَ﴾ أَيْ خَرَجَ ﴿عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ﴾ يعني بابني آدَمَ ﴿وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ أَيْ أَعْدَاءٌ.

(١) أخرجه الترمذي في الزهد باب ما جاء في العرض: ٧ / ١١١ عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا وقال: "ولا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة [فهو منقطع] وقد رواه بعضهم عن علي بن علي وهو الرفاعي عن الحسن عن أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". ومن هذا الوجه رواه ابن ماجه في الزهد برقم (٤٢٧٧) : ٢ / ١٤٣٠، قال في الزوائد: "إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع... " والإمام أحمد في المسند: ٤ / ٤١٤. وأخرجه البيهقي في "البعث" بسند حسن عن عبد الله بن مسعود موقوفا. انظر: فتح الباري: ١١ / ٤٠٣.
(٢) أخرجه الطبري: ١ / ٥٠٢ (دار المعارف).
(٣) أخرجه الطبري: ١ / ٥٠٦ وقال ابن كثير: (٣ / ٨٩) هذا إسناد صحيح عن الحسن. وقد رجح الطبري رحمه الله الرأي الأول وكأنه رجح غير الراجح كما فعل المصنف في: ١ / ٨٢ (من هذه الطبعة). وظاهر القرآن أن إبليس كان من الجن وأنه خلق من نار وإذا أطلقت كلمة الجن فإنها تنصرف إلى الجن المعهودين وليس إلى قبيل من الملائكة يقال لهم "الجن" من نار السموم ولكن لم يقم الدليل على صحة ذلك... ولذلك بعد أن عرض الحافظ ابن كثير الروايات في ذلك قال: (٣ / ٩٠) :"وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف إشارة إلى الروايات عن ابن عباس أن إبليس من الملائكة الذين خلقوا من نار واسمهم الجن -وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها والله أعلم بحال كثير منها ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بأيدينا وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال. كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه، فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم".

صفحة رقم 178

رَوَى مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ يَوْمًا إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي هَلْ لِإِبْلِيسَ زَوْجَةٌ؟ قُلْتُ: إن ذلك العرس مَا شَهِدْتُهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي﴾ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ الذُّرِّيَّةُ إِلَّا مِنَ الزَّوْجَةِ، فَقُلْتُ: نَعَمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: يَتَوَالَدُونَ كَمَا يَتَوَالَدُ بَنُو آدَمَ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَنَبَهُ فِي دُبُرِهِ فَيَبِيضُ فَتَنْفَلِقُ الْبَيْضَةُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّيَاطِينِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْلِيسَ: "لَاقِيسُ" وَ"وَلْهَانُ" وَهُمَا صَاحِبَا الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ، وَ"الْهَفَّافُ" وَ"مُرَّةُ" وَبِهِ يُكَنَّى وَ"زَلَنْبُورُ" وَهُوَ صَاحِبُ [الْأَسْوَاقِ، يُزَيِّنُ اللغو والحلف الكاذبة وَمَدْحَ السِّلَعِ، وَ"ثَبْرُ" وَهُوَ صَاحِبُ الْمَصَائِبِ] (١) يُزَيِّنُ خَمْشَ الْوُجُوهِ وَلَطْمَ الْخُدُودِ وَشَقَّ الْجُيُوبِ وَ"الْأَعْوَرُ" وَهُوَ صَاحِبُ الزِّنَا يَنْفُخُ فِي إِحْلِيلِ الرَّجُلِ وَعَجُزِ الْمَرْأَةِ وَ"مُطَوَّسُ" وَهُوَ صَاحِبُ الْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ يُلْقِيهَا فِي أَفْوَاهِ النَّاسِ لَا يَجِدُونَ لَهَا أَصْلًا وَ"دَاسِمُ" وَهُوَ الَّذِي إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ بَصَّرَهُ مِنَ الْمَتَاعِ مَا لَمْ يُرْفَعْ أَوْ يَحْتَبِسْ مَوْضِعَهُ وَإِذَا أَكَلَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ أَكَلَ مَعَهُ (٢) قَالَ الْأَعْمَشُ: رُبَّمَا دَخَلْتُ الْبَيْتَ وَلَمْ أَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ فَرَأَيْتُ مِطْهَرَةً فَقُلْتُ ارْفَعُوا هَذِهِ وَخَاصَمْتُهُمْ ثُمَّ أَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ فَأَقُولُ دَاسِمُ دَاسِمُ (٣).
وَرُوِيَ عَنْ أُبِيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنْ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ الْوَلْهَانُ فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ" (٤).

(١) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٢) أخرج ذلك عن مجاهد، الطبري: ١٥ / ٢٦٢ وذكرها ابن الجوزي: ٥ / ١٥٤ وغيره وفي هجاء بعض الأسماء خلاف لم نشر إليه، إذ لا فائدة من ذلك وكل هذه الروايات لا يصح لها إسناد إلى المعصوم فنحن في غنية عنها. والله أعلم.
(٣) الطبري: ١٥ / ٢٦٢، أي يقول في نفسه إن "داسم" هو الذي بصره المتاع.
(٤) أخرجه الترمذي في الطهارة باب كراهية الإسراف في الماء: ١ / ١٨٨-١٨٩، وابن ماجه في الطهارة، باب ما جاء في القصد في الوضوء: ١ / ١٤٦، وأحمد في المسند: ٥ / ١٣٦، والمصنف في شرح السنة: ٢ / ٥٣. قال الترمذي في الموضع السابق: حديث أبي حديث غريب وليس إسناده بالقوي والصحيح عند أهل الحديث؛ لأنا لا نعلم أحدا أسنده غير خارجة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن من قوله، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء وخارجة ليس بالقوي وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال": (١ / ٦٢٥) : خارجة بن مصعب: وهاه أحمد، وقال ابن معين: ليس بثقة، كذاب.. انفرد بخبر "إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان".

صفحة رقم 179
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية