
صغيرة ولا كبيرة غير محصاة- عن سهل بن سعد قال قال رسول الله ﷺ إياكم ومحقرات للذنوب فانما مثل مخفرات الذنوب مثل قوم نزلوا بيطن واو فجاء هذا بعود وجاء لهذا بعود فانضجوا خبزتهم وان محقرات الذنوب لموبقات رواه البغوي وروى الطبراني عن سعد بن جنادة قال لمّا فرغ النبي ﷺ من حنين نزلنا فقرأ من الأرض ليس فيها شيء- فقال النبي ﷺ اجمعوا من وجد شيئا فليأت به او من وجد عظما او شيئا فليأت به- قال فما كان الا ساعة حتى جعلناه ركابا فقال النبي ﷺ أترون هذا فكذلك يجتمع الذنوب على الرجل منكم كما جمعتم هذا فليتق الله عزّ وجلّ فلا يذنب صغيرة ولا كبيرة فانها محصاة عليه- وروى النسائي واللفظ له وابن ماجة وصححه ابن حبان عن عائشة ان رسول الله ﷺ قال يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فان لها من الله طالبا وروى البخاري عن انس قال انكم لتعملون أعمالا هى ادقّ في أعينكم من الشعر كنا نعدّها على عهد رسول الله ﷺ من الموبقات- وروى احمد مثله بسند صحيح عن ابى سعيد وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً مكتوبا في الصحف او وجد واجزاء ما عملوا حاضرا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩) يعنى لا يكتب على العبد من السيئات ما لم يعمل- ولا يزيد في عقابه الملائم لعمله قال رسول الله ﷺ يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فاما عرضان فجدال ومعاديره واما الثالثة فتطائر الصحف بالأيدي فاخذ بيمينه وأخذ بشماله- أخرجه ابن ماجة عن ابى موسى الأشعري واخرج الترمذي عن ابى هريرة نحوه- واخرج البيهقي عن ابن مسعود موقوفا- قال الحكيم الترمذي الجدال للاعداء يجادلون لانهم لا يعرفون ربهم فيظنون انهم إذا جادلوه نجوا وقامت حجتهم والمعاذير لله تعالى يعتذر الى آدم والى أنبيائه ويقيم حجته عندهم على الأعداء ثم يبعثهم الى النار- واما العرضة الثالثة للمؤمنين- وهو العرض للمغفرة «١» الا ان يخلوهم فيعاتب مزيد عتابه في تلك الخلوة حتى يذوق وبال الحياء والخجل ثم بغفرانهم ويرضى عنهم- واخرج انس عن النبي ﷺ قال الكتب كلها تحت العرش فاذا كان الموقف بعث الله ريحا فتطيرها بالايمان والشمائل أول خط فيها اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا- واخرج ابن جرير عن قتادة انه قال سيقرأ يومئذ من لم يكن قاديا في الدنيا- واذكر.
إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كرده في مواضع لكونه مقدمة للامور المقصودة بيانها في تلك المحال- وهاهنا لمّا شنع على المفتخرين واستقبح صنيعهم قرّر ذلك بانه من سنن إبليس- او لمّا بيّن حال المغرور بالدنيا والمعرض عنها وكان سبب الاغترار

بها حب الشهوات وتسويل الشيطان- زهّدهم اولا في زخارف الدنيا بانها عرضة الزوال والأعمال الصالحة خير وأبقى من أنفسها وأعلاها- ثم نفرهم من الشيطان بتذكير ما بينهم من العداوة القديمة- وهذا وجه كل تكرير في القران كانَ مِنَ الْجِنِّ حال بإضمار قد او استيناف للتعليل كانه قيل ماله لم يسجد فقيل لانه كان من الجن فَفَسَقَ اى فخرج عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ اى عن امتثال امره وطاعته فيه دليل على انه كان مامورا بالسجود مع الملائكة- والفاء للتسبيب وفيه دليل على ان الملائكة لا يعصون الله ابدا وانما عصى إبليس لانه كان جنيّا في أصله. قال البغوي قال ابن عباس كان إبليس من حى من الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم فالاستثنا ومتصل- وقال الحسن كان من الجن ولم يكن من الملائكة فهو اصل الجن كما ان آدم اصل الانس فالاستثناء منقطع وقد مر الكلام في الباب في سورة البقرة- وقول الحسن ان إبليس كان أصلا للجن كما ان آدم اصل للانس بعيد جدا- قال الله تعالى ما خلقت الجنّ والإنس الّا ليعبدون فان هذه الاية وآيات سورة الرحمان وسورة الجن تدل على ان من الجن رجالا مومنين صالحين ومنهم قاسطون كانوا لجهنم حطبا- واما إبليس فهو وذريته أجمعون «١» اعداء الله واعداء أوليائه حيث قال الله تعالى أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ هذه الجملة حال والاستفهام للانكار على اتخاذهم اولياء عقيب ظهور العداوة منهم- يعنى تستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتى بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠) يعنى إبليس وذريته بئس البدل عن الله في الولاية للظالمين- قال البغوي روى مجاهد عن الشعبي قال انى قاعد يوما إذا قبل حمال فقال أخبرني هل لابليس زوجة قلت ان ذلك لغير بين ما شهدته ثم ذكرت قول الله عزّ وجلّ افتتّخذونه وذرّيّته اولياء فعلمت انه لا تكون ذرّية الا من زوجة فقلت نعم- قلت قول الشعبي لا تكون ذرية الّا من زوجة مستفاد من قوله تعالى أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ- قال قتادة الشياطين يتوالدون كما يتوالد ابن آدم- وقيل انه يدخل ذنبه في دبره فليبيض فينفلق البيضة عن جماعة من الشياطين- قال مجاهد من ذرية إبليس لاقين وولهان دو هو صاحب الطهارة والصلاة والهفاف ومرة روبه يكنى وزلنبور (وهو صاحب الأسواق يزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلعة) والأعور (وهو صاحب الزنى ينفخ في إحليل الرجل وعجز المرأة) ومطوس (وهو صاحب الاخبار الكاذبة يلقيها في أقواه للناس لا يجدون لها أصلا) ويثور (وهو صاحب المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب) وو اسم وهو الّذي إذا دخل في بيته ولم يسلم ولم يذكر الله بصره من المتاع مالم يرفع او