آيات من القرآن الكريم

كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

الضمير للدلالة على ان الاجر انما يستحق بالعمل دون العلم إذ به يستحق ارتفاع الدرجات والشرف والرتب كما فى الحديث القدسي (ادخلوا الجنة بفضلي واقتسموها بأعمالكم) وعن البراء ابن عازب رضى الله عنه قال قام أعرابي الى النبي ﷺ فى حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال انى رجل متعلم فخبرنى عن قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا الآية فقال عليه السلام (يا أعرابي ما أنت منهم بعيد وما هم عنك ببعيدهم هؤلاء الاربعة الذين هم وقوف معى أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم فاعلم قومك ان هذه الآية نزلت فى هؤلاء الاربعة) ذكره الامام السهيلي فى كتاب التعريف والاعلام أُولئِكَ المنعوتون بالنعت الجليل لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ قال الامام العدن فى اللغة الاقامة فيجوز ان يكون المعنى أولئك لهم جنات اقامة كما يقال هذه دار اقامة ويجوز ان يكون العدن اسما لموضع معين من الجنة وهو وسطها واشرف مكان وقوله جنات لفظ جمع فيمكن ان يكون المراد ما قاله تعالى وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ثم قال وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ويمكن ان يكون نصيب كل واحد من المكلفين جنة على حدة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ الاربعة من الخمر واللبن والعسل والماء العذب وذلك لان أفضل البساتين فى الدنيا البساتين التي تجرى فيها الأنهار يُحَلَّوْنَ فِيها اى فى تلك الجنات من حليت المرأة إذا لبست الحلي وهى ما تتحلى به من ذهب وفضة وغير ذلك من الجوهر والتحلية [پيرايه بر كردن] قال الكاشفى [پيرايه بسته شوند در ان بوستانها] مِنْ أَساوِرَ من ابتدائية وأساور جمع اسورة وهى جمع سوار بالفارسية [دستوان] مِنْ ذَهَبٍ من بيانية صفة لاساور وتنكيرها لتعظيم حسنها وتبعيده من الا حالة به قال فى بحر العلوم وتنكير أساور للتكثير والتعظيم عن سعيد بن جبير يحلى كل واحد منهم ثلاثة أساور واحد من ذهب وواحد من فضة وواحد من لؤلؤ وياقوت فهم يسورون بالأجناس الثلاثة على المعاقبة او على الجمع كما تفعله نساء الدنيا ويجمعن بين انواع الحلي قال بعض الكبار اى يتزينون بانواع الحلي من حقائق التوحيد الذاتي ومعانى التجليات العينية الاحدية فالذهبيات هى الذاتيات والفضيات هى الصفات النوريات كما قال وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً [جامهاى سبز] وذلك لان الخضرة احسن الألوان وأكثرها طراوة وأحبها الى الله تعالى مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مارق من الديباج وما غلظ منه والديباج الثوب الذي سداه ولحمته إبريسم وإستبرق ليس باستفعل من البرق كما زعمه بعض الناس بل معرب استبره جمع بين النوعين للدلالة على ان لبسهما مما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين اعلم ان لباس اهل الدنيا اما لباس التحلي واما لباس الستر فاما لباس التحلي فقال تعالى فى صفته يُحَلَّوْنَ الآية واما لباس الستر فقال تعالى فى صفته وَيَلْبَسُونَ الآية فان قيل ما السبب فى انه تعالى قال فى الحلي يحلون على فعل ما لم يسم فاعله والمحلى هو الله او الملائكة وقال فى السندس والإستبرق ويلبسون بإسناد اللبس إليهم قلنا يحتمل ان يكون اللبس اشارة الى ما استوجبوه بعلمهم بمقتضى الوعد الإلهي وان يكون الحلي اشارة الى ما تفضل الله به عليهم تفضلا زائدا على مقدار الوعد وايضا فيه إيذان بكرامتهم وبيان ان غيرهم يفعل بهم ذلك ويزينهم به بخلاف اللبس فانه يتعاطاه بنفسه شريفا وحقيرا

صفحة رقم 243

التفصيل والبيان اى اضرب يا محمد وبين للكافرين المتقلبين فى نعم الله والمؤمنين المكابدين لمشاق الفقر مثلا حال من رجلين مقدرين او أخوين من بنى إسرائيل قال فى الجلالين يريد ابني ملك كان فى بنى إسرائيل قال ابو حيان ويظهر من قوله فَقالَ لِصاحِبِهِ انه ليس أخاه انتهى يقول الفقير هذا ذهول عن عنوان الكلام إذ التعبير عنهما برجلين يصحح اطلاق الصاحب على الأخ وايضا أخذ الكافر بيد أخيه المسلم وإدخاله إياه جنته طائفا به فيما يأتى مما ينادى على صحة ما ادعيناه إذ لا تنافى هذه الصحبة الاخوة وكل منهما من أخص الأوصاف قالوا كان أحد الأخوين مؤمنا واسمه يهودا والاخر كافرا واسمه قطروس بضم القاف ورثا من أبيهما ثمانية آلاف دينار فتقاسماها بينهما فاشترى الكافر أرضا بألف دينار وبنى دارا بألف دينار وتزوج امرأة بألف واشترى خدما ومتاعا بألف فقال المؤمن اللهم ان أخي اشترى أرضا بألف دينار وانا اشترى منك أرضا فى الجنة فتصدق به وان أخي بنى دارا بألف دينار وانا اشترى منك دارا فى الجنة فتصدق به وان أخي تزوج امرأة بألف وانا اجعل الفا صداقا للحور فتصدق به وان أخي اشترى خدما ومتاعا بألف وانا اشترى منك الولدان المخلدين بألف فتصدق به ثم أصابته حاجة فجلس لاخيه على طريقه فمر به فى حشمه فقام اليه فنظر اليه وقال ما شأنك قال أصابتني حاجة فاتيت لتصيبنى بخير فقال وما فعلت بما لك وقد اقتسمنا مالا وأخذت شطره فقص عليه القصص قال انك إذا لمن المتصدقين بهذا اذهب فلا أعطينك شيأ فطرده ووبخه على التصدق بماله جَعَلْنا لِأَحَدِهِما وهو الكافر جَنَّتَيْنِ بستانين مِنْ أَعْنابٍ من كروم متنوعة فاطلاق الأعناب عليها مجازا ويجوز ان يكون بتقدير المضاف اى أشجار أعناب وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ اى جعلنا النخل محيطة بالجنتين ملفوفا بها كرومهما وبالفارسية [يعنى درختان خرما كرداكرد در آورديم] يقال حفه القوم إذا طافوا به اى استداروا وحففته بهم اى جعلتهم جافين حوله وهو متعد الى مفعول واحد فتزيده الباء مفعولا ثانيا مثل غشيته وغشيته به وَجَعَلْنا بَيْنَهُما وسطهما يعنى [پيدا كرديم ميان آن دو باغ] زَرْعاً ليكون كل منهما جامعا للاقوات والفواكه متواصل العمارة على الشكل الحسن والترتيب الأنيق كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها بثمرها وبلغ مبلغا صالحا للاكل وافراد الضمير فى آتت للحمل على لفظ المفرد قال الحريري ولا يثنى خبر كلا الا بالحمل على المعنى او لضرورة الشعر وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ لم تنقض من أكلها شَيْئاً كما يعهد فى سائر البساتين فان الثمار تتم فى عام واحد وتنقص فى عام غالبا وكذا بعض الأشجار تأتى بالثمر فى بعض الأعوام دون بعض وَفَجَّرْنا خِلالَهُما وشققنا فيما بين كل من الجنتين وأخرجنا وأجرينا نَهَراً على حدة ليدوم شربهما وتزيد بهاؤهما ولعل تأخير ذكر تفجير النهر عن ذكر إيتاء الاكل مع ان الترتيب الخارجي على العكس للايذان باستقلال كل من إيتاء الاكل وتفجير النهر فى تكميل محاسن الجنتين ولو عكس لانفهم ان المجموع خصلة واحدة بعضها مرتب على بعض فان إيتاء الاكل متفرع على السقي عادة وفيه ايماء الى ان إيتاء الاكل لا يتوقف على السقي كقوله تعالى يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ وَكانَ لَهُ اى لصاحب الجنتين ثَمَرٌ انواع من المال غير

صفحة رقم 245
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية