
الذي هو خير " فأمر بالكفارة عند الحنث، ولم يقل: فليقل إن شاء الله.
ثم قال: ﴿وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً﴾.
أي قل لهم يا محمد لعل ربي أن يرشدني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه يكون إن هو شاء.
وقيل: إن هذا أمر من الله [ تعالى] لنبيه [ ﷺ] أن يقوله إذا نسي الاستثناء في كلامه الذي هو عنده في أمر مستقبل مع قوله إن شاء الله إذا ذكر ذلك.
وقيل: المعنى قل لعل ربي أن يعطيني من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب من الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف.
قوله: ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾.

معناه: ويقولون لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين. هذا حكاية عن قول أهل الكتاب، فرد الله [ تعالى] ذلك عليهم. وقال: [الله] لنبيّه [ ﷺ]
﴿ قُلِ [الله] أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾ الآية.
قال: قتادة: وفي حرف ابن مسعود " [و] قالوا: ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ﴾. وقال مجاهد والضحاك: هو خبر من الله [ تعالى] عن مبلغ لبثهم في الكهف ولما قال: ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾ قالوا سنين أو ليال أو غيرها فأنزل الله: ﴿قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾ الآية.
وقيل: إن أهل الكتاب قالوا [على] عهد النبي [ ﷺ] : إن للفتية من لدن

دخلوا الكهف إلى عصرنا هذا ثلاث مائة سنة وتسع سنين، فرد الله [ تعالى] عليهم وأعلم نبيّه أن قدر لبثهم في الكهف إلى أن بعثوا ثلاث مائة سنة وتسع.
ثم قال: تعالى لنبيّه [عليه السلام]. ﴿قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾.
[أي] بعد أن بعثهم وقبض أرواحهم إلى يومهم هذا لا يعلم مقدار ذلك إلا الله.
ومن نوَّن " مائة " جعل " سنسن " بدلاً من " ثلاث " أو يكون عطف بيان على " ثلاث ". وقيل: هو نعت لمائة لأن مائة في معنى جمع.
وحكى بعض أهل اللغة أن العرب إذا نونت العدد أتت بعده بحمع يفسره، فيقولون: عندي ألفٌ دراهم [وثلاثمائة دراهم] وألف رجالاً، فيكون

" سنين " على هذا القول تفسيراً.
ومن أضاف، أتى بالعدد على أصله. لأنا إذا قلنا عندي مائة درهم فمعناه مائة من الدراهم. فالجمع هو الأصل فأتى به في هذه القراءة على الأصل /.
[و] قوله: ﴿الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾.
أي: أعلم بلبثهم من المختلفين في ذلك. وقيل: أعلم أعلم بمعنى عالم.
وقوله ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾.
أي: تسع سنسن. ولا يحسن أن يكون تسع ساعات ولا تسع ليال، لأن العدد إذا فسر في صدر الكلام [جر] آخره [على] ذلك التفسير. تقول عندي مائة درهم وخمسة. فتكون " الخمسة " دراهم أيضاً، لدلالة ما تقدم من التفسير على ذلك.
ثم قال: ﴿لَهُ غَيْبُ السماوات والأرض﴾.

أي: له علم ذلك وملكه لا يشاركه فيه أحد.
ثم قال: ﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾.
أي: ما أبصر الله [جلت عظمته] واسمعه لا يخفى عليه شيء ﴿مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ﴾ أي ليس لخلقه دون ربهم ولي يلي تدبيرهم ولا ينقذهم من عذاب الله [سبحانه] إذا جاءهم.
﴿[وَ] لاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾.
أي: ليس يشرك الله [ تعالى] في تدبيره لعباده أحداً ولا يظهر على غيبه أحداً.
وقيل معناه: لا يجوز أن يحكم حاكم إلا بما حكم الله [ تعالى] أو بما دل عليه حكمه، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه فيكون لله [سبحانه] شريكاً في حكمه.