آيات من القرآن الكريم

قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

الذي هو خير " فأمر بالكفارة عند الحنث، ولم يقل: فليقل إن شاء الله.
ثم قال: ﴿وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً﴾.
أي قل لهم يا محمد لعل ربي أن يرشدني لأقرب مما وعدتكم وأخبرتكم أنه يكون إن هو شاء.
وقيل: إن هذا أمر من الله [ تعالى] لنبيه [ ﷺ] أن يقوله إذا نسي الاستثناء في كلامه الذي هو عنده في أمر مستقبل مع قوله إن شاء الله إذا ذكر ذلك.
وقيل: المعنى قل لعل ربي أن يعطيني من الآيات والدلالات على النبوة ما يكون أقرب من الرشد وأدل من قصة أصحاب الكهف.
قوله: ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ﴾ إلى قوله: ﴿فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾.

صفحة رقم 4358

معناه: ويقولون لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين. هذا حكاية عن قول أهل الكتاب، فرد الله [ تعالى] ذلك عليهم. وقال: [الله] لنبيّه [ ﷺ]
﴿ قُلِ [الله] أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾ الآية.
قال: قتادة: وفي حرف ابن مسعود " [و] قالوا: ﴿وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ﴾. وقال مجاهد والضحاك: هو خبر من الله [ تعالى] عن مبلغ لبثهم في الكهف ولما قال: ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾ قالوا سنين أو ليال أو غيرها فأنزل الله: ﴿قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾ الآية.
وقيل: إن أهل الكتاب قالوا [على] عهد النبي [ ﷺ] : إن للفتية من لدن

صفحة رقم 4359

دخلوا الكهف إلى عصرنا هذا ثلاث مائة سنة وتسع سنين، فرد الله [ تعالى] عليهم وأعلم نبيّه أن قدر لبثهم في الكهف إلى أن بعثوا ثلاث مائة سنة وتسع.
ثم قال: تعالى لنبيّه [عليه السلام]. ﴿قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾.
[أي] بعد أن بعثهم وقبض أرواحهم إلى يومهم هذا لا يعلم مقدار ذلك إلا الله.
ومن نوَّن " مائة " جعل " سنسن " بدلاً من " ثلاث " أو يكون عطف بيان على " ثلاث ". وقيل: هو نعت لمائة لأن مائة في معنى جمع.
وحكى بعض أهل اللغة أن العرب إذا نونت العدد أتت بعده بحمع يفسره، فيقولون: عندي ألفٌ دراهم [وثلاثمائة دراهم] وألف رجالاً، فيكون

صفحة رقم 4360

" سنين " على هذا القول تفسيراً.
ومن أضاف، أتى بالعدد على أصله. لأنا إذا قلنا عندي مائة درهم فمعناه مائة من الدراهم. فالجمع هو الأصل فأتى به في هذه القراءة على الأصل /.
[و] قوله: ﴿الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ﴾.
أي: أعلم بلبثهم من المختلفين في ذلك. وقيل: أعلم أعلم بمعنى عالم.
وقوله ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾.
أي: تسع سنسن. ولا يحسن أن يكون تسع ساعات ولا تسع ليال، لأن العدد إذا فسر في صدر الكلام [جر] آخره [على] ذلك التفسير. تقول عندي مائة درهم وخمسة. فتكون " الخمسة " دراهم أيضاً، لدلالة ما تقدم من التفسير على ذلك.
ثم قال: ﴿لَهُ غَيْبُ السماوات والأرض﴾.

صفحة رقم 4361

أي: له علم ذلك وملكه لا يشاركه فيه أحد.
ثم قال: ﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾.
أي: ما أبصر الله [جلت عظمته] واسمعه لا يخفى عليه شيء ﴿مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ﴾ أي ليس لخلقه دون ربهم ولي يلي تدبيرهم ولا ينقذهم من عذاب الله [سبحانه] إذا جاءهم.
﴿[وَ] لاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾.
أي: ليس يشرك الله [ تعالى] في تدبيره لعباده أحداً ولا يظهر على غيبه أحداً.
وقيل معناه: لا يجوز أن يحكم حاكم إلا بما حكم الله [ تعالى] أو بما دل عليه حكمه، وليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه فيكون لله [سبحانه] شريكاً في حكمه.

صفحة رقم 4362
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية