آيات من القرآن الكريم

قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦)
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ يريد لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدّة، وهو بيان لما أجمل في قوله فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ومعنى قوله قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا أنه أعلم من الذين اختلفوا فيهم بمدّة لبثهم، والحق ما أخبرك الله به. وعن قتادة: أنه حكاية لكلام أهل الكتاب. وقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ رد عليهم. وقال في حرف عبد الله:
وقالوا لبثوا. وسنين: عطف بيان لثلثمائة. وقرئ: ثلاثمائة سنين، بالإضافة، على وضع الجمع موضع الواحد في التمييز، كقوله بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا وفي قراءة أبىّ: ثلاثمائة سنة. تِسْعاً تسع سنين، لأن ما قبله يدل عليه. وقرأ الحسن: تسعا بالفتح، ثم ذكر اختصاصه بما غاب في السموات والأرض وخفى فيها من أحوال أهلها ومن غيرها وأنه هو وحده العالم به. وجاء بما دل على التعجب من إدراكه المسموعات والمبصرات، للدلالة على أن أمره في الإدراك خارج عن حدّ ما عليه إدراك السامعين والمبصرين، لأنه يدرك ألطف الأشياء وأصغرها، كما يذرك أكبرها حجما وأكثفها جرما، ويدرك البواطن كما يدرك الظواهر ما لَهُمْ الضمير لأهل السموات والأرض مِنْ وَلِيٍّ من متول لأمورهم وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ في قضائه أَحَداً منهم. وقرأ الحسن: ولا تشرك، بالتاء والجزم على النهى.
[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٧]
وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧)
كانوا يقولون له: ائت بقرآن غير هذا أو بدله، فقيل له وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ من القرآن ولا تسمع لما يهذون به من طلب التبديل، فلا مبدل لكلمات ربك، أى: لا يقدر أحد على تبديلها وتغييرها، إنما يقدر على ذلك هو وحده وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ. وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ملتجأ تعدل إليه إن هممت بذلك.
[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٨]
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨)

صفحة رقم 716

وقال قوم من رؤساء الكفرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نحّ هؤلاء الموالي الذين كأن ريحهم ريح الضأن، وهم: صهيب وعمار وخباب وغيرهم من فقراء المسلمين، حتى نجالسك كما قال قوم نوح: أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ فنزلت: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ واحبسها معهم وثبتها. قال أبو ذؤيب:

فصبرت عارفة لذلك حرّة ترسو إذا نفس الجبان تطلّع «١»
بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ دائبين على الدعاء في كل وقت. وقيل: المراد صلاة الفجر والعصر. وقرئ:
بالغدوة، وبالغداة أجود، لأن غدوة علم في أكثر الاستعمال، وإدخال اللام على تأويل التنكير كما قال:
...... والزّيد زيد المعارك «٢»
ونحوه قليل في كلامهم. يقال: عداه إذا جاوزه ومنه قولهم. عدا طوره. وجاءني القوم عدا زيدا. وإنما عدى بعن، لتضمين عدا معنى نبا وعلا، في قولك: نبت عنه عينه وعلت عنه عينه:
إذا اقتحمته ولم تعلق به. فإن قلت: أى غرض في هذا التضمين؟ وهلا قيل: ولا تعدهم عيناك، أو لا تعل عيناك عنهم؟ قلت الغرض فيه إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ.
ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم؟ ونحوه قوله تعالى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ أى ولا تضموها إليها أكلين لها. وقرئ: ولا تعد عينيك، ولا تعدّ عينيك، من أعداه وعدّاه نقلا بالهمزة وتثقيل الحشو. ومنه قوله:
فعد عمّا ترى إذ لا ارتجاع له «٣»
(١). لأبى ذؤيب في مرثية بنيه، وصبرت: أى حبست نفسا عارفة لذلك البلاء، وضمن عارفة معنى صابرة فعداه باللام، جسرة: أى قوية صلبة. ويروى: حرة، بضم الحاء، أى جيدة. ترسو: تطمئن وتسكن، إذا تطلع نفس الجيان وتجزع كأنها تريد الفرار وأصله تتطلع، حذف منه إحدى التاءين تخفيفا.
(٢).
وقد كان منهم حاجب وابن أمه أبو جندل والزيد زيد المعارك
دخلت «أل» المعرفة على «زيد» وهو علم لتأويله بالمسمى بزيد، ولذلك أضافه للمعارك، أى أمكنة الحروب.
يقول: وقد كان من هؤلاء القوم حاجب بن لقيط بن زرارة وابن أمه، أى أخوه أبو جندل والمسمى يزيد، المعد للحروب. وفيه إشارة إلى أنه يعرف بذلك فيما بين الناس.
(٣).
فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له وأتم القتود على عيرانة أحد
للنابغة الذبياني. ونما ينمى نميا: زاد وارتفع. ونماه ينميه نميا: رفعه وزاده. ونما ينمو نموا من باب دخل.
ونماه ينموه نموا أيضا، لكن الواوي قليل. والقتود: جمع أقتاد، جمع قتد: وهي عيدان الرحل بلا أداة.
والعيرانة: الشبيهة بالعير في سرعة السير. والأجد: الصلبة الموثقة الخلق. يقول: انصرف عما ترى من آثار الديار، أو عما تظن رجوعه، لأنه لا تدارك له أو لا رجوع له، وارفع عيدان الرحل على ناقة سريعة صلبة، كناية عن أمره بالسفر، لأن شد الرحال لا يكون إلا له.

صفحة رقم 717
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية