آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ

الأصنام يعبدونها من دون الله لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ أي هلّا يأتون على عبادتهم بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ:
بحجة واضحة فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً، فزعم أنّ له شريكا وولدا؟
ثمّ قال بعضهم لبعض: إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ، يعني قومكم وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ، أي واعتزلتم أصنامهم التي يعبدونها من دون الله. وكذلك هو في مصحف عبد الله: (وما يعبدون من دون الله).
فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ، أي صيروا إليه يَنْشُرْ، أي يبسط لكم ويظهر لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً، أي رزقا رغدا. والمرفق: ما يرتفق به الإنسان، وفيه لغتان: مرفق، ومرفق.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٧ الى ٢٢]
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (١٨) وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١)
سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً (٢٢)
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ، أي تتزاور، وقرأ أهل الكوفة بالتخفيف على حذف أحد الزاءين، وقرأ أهل الشام: تزورّ على وزن تحمرّ، وكلّها بمعنى واحد، أي تميل وتعدل عن كهفهم ذاتَ الْيَمِينِ، أي جانب اليمين، وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ، قال ابن عباس: تدعهم. قال مقاتل بن حيان: تجاوزهم. وأصل القرض: القطع. ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ، أي متّسع من الكهف، وجمعها فجوات وفجىّ. أخبرنا الله تعالى بحفظه إيّاهم في مهجعهم، وعرفنا لطفه بهم في مضجعهم واختياره لهم أصلح المواضع للرقاد فأعلمنا أنّه بوّأهم في مغناة من الكهف مستقبلا بنات نعش، تميل عنهم الشمس طالعة وغاربة وجارية لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرّها وتغيّر ألوانهم وتبلى ثيابهم، وإنهم في متّسع منه ينالهم فيه برد الريح ونسيمها وتنفي عنهم كربة الغار وغمومه، ذلِكَ الذي ذكرت من أمر الفتية مِنْ آياتِ اللَّهِ:

صفحة رقم 159

من عجائب صنع الله ودلالات قدرته وحكمته. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ أي يهده الله فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا معينا مُرْشِداً لأنّ التوفيق والخذلان بيد الله عزّ وجلّ.
وَتَحْسَبُهُمْ يا محمد أَيْقاظاً أي منتبهين، جمع يقظ ويقظ مثل قولك: رجل نجد ونجد للشجاع، وجمعه أنجاد، وَهُمْ رُقُودٌ: نيام، جمع راقد مثل قاعد وقعود، وَنُقَلِّبُهُمْ، وقرأ الحسن (وَنُقْلِبُهُمْ) بالتخفيف، ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ مرّة للجنب الأيمن ومرّة للجنب الأيسر. قال ابن عباس: كانوا ينقلبون في السنة مرة إلى جانب من جانب، لئلا تأكل الأرض لحومهم. ويقال: إنّ يوم عاشوراء كان يوم تقليبهم. وقال أبو هريرة: كان لهم في كل سنة تقليبان. وَكَلْبُهُمْ، قال ابن عباس: كان أنمر. وقال مقاتل: كان أصفر. وقال القرظي: شدة صفرته تضرب إلى الحمرة. الكلبي: لونه كالخلنج «١». وقيل: لون الحجر. وقيل: لون السماء.
وقال علي ابن أبي طالب (رضي الله عنه) :«كان اسمه ريان»
. وقال ابن عباس: قطمير. وقال الأوزاعي:
نتوى. وقال شعيب الجبائي: حمران. عبد الله ابن كثير: اسم الكلب قطمور. [قال] «٢» السّدي:
نون. عبد الله بن سلام: بسيط. كعب: أصهب. وهب: نقيا، وقيل: قطفير.
عن عمر قال: إن مما أخذ على العقرب ألّا يضر بأحد في ليله ونهاره: سَلامٌ عَلى نُوحٍ، وإن مما أخذ على الكلب ألّا يضر من حمل عليه أن يقول: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ.
وقرأ جعفر الصّادق (وكالبهم) يعني: صاحب الكلب.
باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ، قال مجاهد والضّحاك: الوصيد: فناء الكهف، وهو رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال سعيد بن جبير: الوصيد الصعيد، وهو التراب. وهذه رواية عطية العوفي عن ابن عباس. وقال السّدي: الوصيد الباب، وهي رواية عكرمة عن ابن عباس، وأنشد:

بأرض فضاء لا يسدّ وصيدها عليّ ومعروفي بها غير منكر «٣»
أي بابها. وقال عطاء: الوصيد: عتبة الباب. وقال القتيبي الوصيد: البناء، وأصله من قول العرب، أصدت الباب وأوصدته، أي أغلقته وأطبقته. لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً لما ألبسهم الله تعالى من الهيئة حتى لا يصل إليهم واصل، ولا تلمسهم يد لامس حتى يبلغ الكتاب أجله، فيوقظهم الله من رقدتهم لإرادة الله عزّ وجلّ أن يجعلهم آية وعبرة لمن شاء من خلقه لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتية لا رَيْبَ فِيها «٤».
(١) الخلنج: شجرة، معرّب. هامش المخطوط.
(٢) ليس في النسخة المعتمدة.
(٣) تفسير القرطبي: ١٠/ ٣٧٣، وزاد المسير: ٥/ ٨٣.
(٤) سورة الكهف: ٢١.

صفحة رقم 160

وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً: خوفا، وقرأ أهل المدينة: (لملّئت) بالتشديد. وقيل: إنما ذلك من وحشة المكان الذي هم فيه. وقال الكلبي: لأن أعينهم مفتّحة- كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم- وهم نيام. وقيل: إن الله تعالى منعهم بالرعب لئلّا يراهم أحد. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: غزونا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم! قال ابن عباس: ليس ذلك لك، قد منع الله من هو خير منك، قال: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً. فقال معاوية:
لا أنتهي حتى أعلم علمهم. فبعث ناسا فقال: اذهبوا فانظروا. ففعلوا، فلمّا دخلوا الكهف بعث الله عز وجلّ عليهم ريحا فأخرجتهم فلم يستطيعوا الاطلاع عليهم من الرعب.
وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ أي كما أنمناهم في الكهف، ومنعنا من الوصول إليهم، وحفظنا أجسامهم من البلى على طول الزمان، وثيابهم من العفن على مرّ الأيّام بقدرتنا، كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ من النّومة التي تشبه الموت لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ: ليتحدّثوا، ويسأل بعضهم بعضا. قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ يعني: رئيسهم مكسلمينا: كَمْ لَبِثْتُمْ في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول نومهم. ويقال: إنه راعهم ما فاتهم من الصلاة، فقالوا ذلك. قالُوا لَبِثْنا يَوْماً لأنهم دخلوا الكهف غدوة، فلما رأوا الشمس قالوا: أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ توقّيا من الكذب، وكانت قد بقيت من الشمس بقية. ويقال: كان بعد زوال الشمس. فلما نظروا إلى شعورهم وأظفارهم تيقّنوا أن لبثهم أكثر من يوم أو بعض يوم، ف قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ. ويقال: إن رئيسهم لما سمع الاختلاف بينهم قال ذلك. فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ يعني: تمليخا بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، والورق: الفضّة مضروبة كانت أو غير مضروبة. والدليل عليه
أنّ عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتّخذ أنفا من ورق فأنتن عليه، فأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يتخذ أنفا من ذهب.
وفيه لغات: (بِوَرْقِكُمْ) «١» وهي قراءة أبي عمرو وحمزة وخلف، و (ورقكم) - بسكون الراء وإدغام القاف- وهي قراءة أهل مكة، وبِوَرِقِكُمْ بفتح الواو وكسر الراء وهي قراءة أكثر القراء.
و (ورق) مثل كبد وكبد وكلمة وكلمة.
(والمدينة) : أفسوس، فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً قال ابن عباس وسعيد بن جبير: أحلّ ذبيحة، لأن عامّتهم كانوا مجوسا، وفيهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. قال الضحّاك: أطيب.
وقال مقاتل بن حيّان: أجود. وقال يمان بن رئاب: أرفض. قتادة: خير. قال عكرمة: أكثر.
وأصل الزكاة الزيادة والنّماء، قال الشاعر:

قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة وللسبع أزكى من ثلاث وأطيب «٢»
(١) بسكون الراء. انظر حجة القراءات: ١/ ٤١٣.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٢٧٩.

صفحة رقم 161

فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ أي قوت وطعام، وَلْيَتَلَطَّفْ: وليترفق في الشراء، وفي طريقه، وفي دخول المدينة، وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً من الناس، أي ولا يعلمن، أي إن ظهر عليه فلا يوقعن إخوانه فيما يقع فيه.
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ فيعلموا بمكانكم يَرْجُمُوكُمْ، قال ابن جريج: يشتموكم ويؤذوكم بالقول. ويقال: يقتلوكم. ويقال: كان من عادتهم القتل بالرجم وهو من أخبث القتل.
وقيل: هو التوبيخ «١». ويضربوكم أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ: دينهم الكفر وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً إن عدتم إليهم.
وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا، أي أطلعنا عَلَيْهِمْ، يقال: عثرت على الشيء إذا اطّلعت عليهم، فأعثرت غيري إذا أطلعته، لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ يعني قوم تيدوسيس، وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ، قال ابن عباس: تنازعوا في البنيان والمسجد، قال المسلمون: نبني عليهم مسجدا، لأنهم على ديننا، وقال المشركون: نبني عليهم بنيانا لأنهم من أهل سنّتنا. وقال عكرمة: تنازعوا في الأرواح والأجساد، فقال المسلمون: البعث للأرواح والأجساد، وقال بعضهم: البعث للأرواح دون الأجساد، فبعثهم الله من رقادهم وأراهم أن البعث للأرواح والأجساد. وقيل: تنازعوا في قدر لبثهم ومكثهم. وقيل: تنازعوا في عددهم، فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ يعني تيدوسيس الملك وأصحابه: لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً، وقيل: الذين تغلبوا على أمرهم، وهم المؤمنون. وهذا يرجع إلى الأوّل.
سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ وذلك
أن السيد والعاقب وأصحابهما من نصارى أهل نجران كانوا عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجرى ذكر أصحاب الكهف فقال السيد: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وكان السيد يعقوبيا، وقال العاقب: كانوا خمسة سادسهم كلبهم. وكان نسطوريّا، وقال المسلمون: كانوا سبعة وثامنهم كلبهم، فحقق الله قول المسلمين وصدّقهم بعد ما حكى قول النصارى، فقال سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ
أي قذفا بالظنّ من غير يقين، كقول الشاعر:
وأجعل منّي الحقّ غيبا مرجّما «٢»
وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وقال بعضهم: هذه الواو واو الثمانية، إن العرب يقولون: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، وثمانية، لأن العقد كان عندهم سبعة

(١) قوله: وهو أخبث القتل و، من نسخة اخرى.
(٢) جامع البيان للطبري: ١٥/ ٢٨٢.

صفحة رقم 162
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية