
- ٩٤ - وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً
- ٩٥ - قُل لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً
يَقُولُ تَعَالَى: ﴿وَمَآ مَنَعَ النَّاسَ﴾ أَيْ أَكْثَرَهُمْ، ﴿أَن يُؤْمِنُوا﴾ وَيُتَابِعُوا الرُّسُلَ، إِلَّا اسْتِعْجَابُهُمْ من بعثة الْبَشَرَ رُسُلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ﴾؟ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أبشرا يهدوننا﴾ الآية. وَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ: ﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عابدون﴾؟ وَكَذَلِكَ قَالَتِ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مبين﴾، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى لُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ، إِنَّهُ يَبْعَثُ إِلَيْهِمُ الرَّسُولَ مِنْ جِنْسِهِمْ، لِيَفْقَهُوا عَنْهُ وَيَفْهَمُوا مِنْهُ، لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُخَاطَبَتِهِ وَمُكَالَمَتِهِ، وَلَوْ بَعَثَ إِلَى الْبَشَرِ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمَا اسْتَطَاعُوا مُوَاجَهَتَهُ، وَلَا الْأَخْذَ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تكونوا تعلمون﴾، ولهذا قال ههنا: ﴿قُل لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ﴾ أَيْ كَمَا أَنْتُمْ فِيهَا ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً﴾ أَيْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَلَمَّا كُنْتُمْ أَنْتُمْ بَشَرًا بَعَثْنَا فِيكُمْ رُسُلَنَا مِنْكُمْ لُطْفًا وَرَحْمَةً.