آيات من القرآن الكريم

وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا
ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ

الْمُدْخَلِ وَالْمُخْرَجِ: الْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِيهِ:
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحُسْنُ وَقَتَادَةُ: "أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ": الْمَدِينَةَ. "وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ": مَكَّةَ، نَزَلَتْ حِينَ أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهِجْرَةِ (١).
وَقَالَ الضَّحَاكُ: "وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ": مِنْ مَكَّةَ آمِنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "وَأَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ": مَكَّةَ ظَاهِرًا عَلَيْهَا بِالْفَتْحِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَدْخِلْنِي فِي أَمْرِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَنِي بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ مُدْخَلَ صِدْقٍ الْجَنَّةَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيَا وَقَدْ قُمْتُ بِمَا وَجَبَ عَلَيَّ مِنْ حَقِّهَا مُخْرَجَ صِدْقٍ.
وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: "أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ": الْجَنَّةَ "وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ": مِنْ مَكَّةَ.
وَقِيلَ: أَدْخِلْنِي فِي طَاعَتِكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْمَنَاهِي وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَدْخِلْنِي حَيْثُ مَا أَدْخَلْتَنِي بِالصِّدْقِ وَأَخْرِجْنِي بِالصِّدْقِ، أَيْ: لَا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْخُلُ بِوَجْهٍ وَيَخْرُجُ بِوَجْهٍ فَإِنَّ ذَا الْوَجْهَيْنِ لَا يَكُونُ آمِنًا وَوَجِيهًا عِنْدَ اللَّهِ.
وَوَصَفَ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ بالصدق لما يؤول إِلَيْهِ الْخُرُوجُ وَالدُّخُولُ مِنَ النَّصْرِ وَالْعِزِّ وَدَوْلَةِ الدِّينِ كَمَا وَصَفَ الْقَدَمَ بِالصِّدْقِ فَقَالَ: "أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ" (يُونُسَ-٢).
﴿وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: حُجَّةٌ بَيِّنَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ: مُلْكًا قَوِيًّا تَنْصُرُنِي بِهِ عَلَى مَنْ نَاوَأَنِي (٢) وَعِزًّا ظَاهِرًا أُقِيمُ بِهِ دِينَكَ. فَوَعَدَهُ اللَّهُ لَيَنْزِعَنَّ مُلْكَ فَارِسٍ وَالرُّومِ وَغَيْرِهِمَا فَيَجْعَلُهُ لَهُ.
قَالَ قَتَادَةُ: عَلِمَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا بِسُلْطَانٍ [نَصِيرٍ] (٣) فَسَأَلَ سُلْطَانًا نَصِيرًا: كِتَابَ اللَّهِ وَحُدُودَهُ وَإِقَامَةَ دِينِهِ.
﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ أَيِ: الشَّيْطَانُ قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ السُّدِّيُّ: "الْحَقُّ": الْإِسْلَامُ وَ"الْبَاطِلُ": الشِّرْكُ وَقِيلَ: "الْحَقُّ": عِبَادَةُ اللَّهِ وَ"الْبَاطِلُ": عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ.
﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ ذَاهِبًا يُقَالُ: زَهَقَتْ نَفْسُهُ أَيْ خَرَجَتْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا

(١) أخرجه أحمد والترمذي عن ابن عباس. انظر: ابن كثير: ٣ / ٥٩، وهو ما رجحه الطبري في التفسير: (١٥ / ١٥٠).
(٢) في "أ": عاداني.
(٣) ساقط من "أ".

صفحة رقم 122
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية