
و (لا تقل) «١» : هُوَ أعمى منه فِي الْعَين. فذلك أَنَّهُ لَمَّا جاء عَلَى مذهب أحمر وحمراء تُركَ فِيهِ أفعل منك كما تُرِكَ فِي كثيره «٢». وقد تَلْقَى بعض النحويين يقول: أُجيزه فِي الأعمى والأعشى والأعرج والأزرق، لأنا قد نقول: عمي وزرق وعرج وعَشِي ولا نقول: صَفِر ولا حَمِر ولا بيض. وليس ذَلِكَ بشيء، إنما ينظر فِي هَذَا إلى ما كَانَ لصاحبه فِيهِ فعل يقلّ أو يكثر، فيكون أفعل دليلًا عَلَى قلة الشيء وكثرته ألا ترى أنك قد تَقُولُ: فلان أقوم من فلان وأجمل لأن قيام ذا وجَمَالَه قد يزيد عَلَى قيام الآخر وجماله، ولا تَقُولُ لأعميين: هَذَا أعمى من هَذَا، ولا لميتين: هَذَا أموت من هَذَا.
فإن جاءك منه شيء فِي شعر فأجزته احتمل النوعان «٣» الإجازة: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي شيخ من أهل البصرة أَنَّهُ سمع العرب تَقُولُ: ما أسود شعره. وسئل الفراء عَن الشيخ فقال: هَذَا بشار الناقط. وقال الشاعر «٤» :
أمّا الملوك فأنتَ اليومَ ألأمهم | لُؤمًا وأبيضهم سِرْبَالَ طبَّاخ |
وقوله: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ [٧٦] لَمّا قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة حسدته اليهود وثَقُلَ عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هَذِه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم
(٢) كأنه يريد مازاد على ثلاثة أحرف كاحمر.
(٣) كأنه يريد بالنوعين ما ليس له فعل ثلاثى، وماله فعل ثلاثى ولا تفاوت فيه ولا تفاضل.
(٤) هو طرفة بن العبد، يقوله فى هجاء عمرو بن هند، كما فى التاج. والسربال: الثوب. كنى ببياض سربال طباخه عن قلة طبخه فيبقى سرباله نظيفا، وهذا يراد به البخل وأنه لا يبذل طعامه، إذ لو كان كذلك لاسود سربال طباخه ويقول ابن الكلبي: إن هذا الشعر منحول لطرفة. وانظر الخزانة ٣/ ٤٨٤ [.....]
(٥، ٦) فى القاموس: «حبالا» وقد نقل هذا عن الصاغاني. وفى التكملة له «حالا» كما هنا فيبدو أنه الصواب.
ولم أقف على وصف هذه اللعبة.

الشام. فإن كنت نبيًّا فاخرج إِلَيْهِ، فإن الله سينصرك. قَالَ: فعسكر النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أميالٍ من المدينة فأنزل الله: (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ) ليستخفونك وإذا لا يلبثون من الأرض (خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا) يقول: إنك لو خرجت ولم يؤمنوا لنزل بِهم العذاب.
وقوله: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ [٧٧] نصب السنة عَلَى العذاب المضمر، أي يُعذبون كسنة من قد أرسلنا (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا).
وقوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ [٧٨].
جاء عَن ابن عباس قَالَ: هُوَ زَيغوغتها وزوالها للظهر. قَالَ أَبُو زكريّا: ورأيت العرب تذهب بالدلوك إلى غياب الشمس أنشدني بعضهم:
هَذَا مَقَام قدَمَيْ رَبَاحِ | ذبَّبَ حَتَّى دَلَكتْ بِراحِ |
وقوله (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : أوّل ظلمته للمغرب والعشاء.
وقوله (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) أي وأقم قرآن الفجر (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.
وقوله: نافِلَةً لَكَ [٧٩] ليست لأحد نافلة إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه لَيْسَ من أحد إلا يخاف عَلَى نفسه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد غُفِرَ لَهُ ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فعمله نافلة.
وقوله: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ [٨٠] قَالَ لَهُ فِي المنصرف لِمَا رجع من معسكره إلى المدينة حين أراد الشام (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) إلى مكة.
وانظر اللسان (برح)