آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ

﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (٧٦) ﴾
﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ﴾ عَلَى الْحَقِّ بِعِصْمَتِنَا ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ﴾ أَيْ: تَمِيلُ ﴿إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ أَيْ: قَرِيبًا مِنَ الْفِعْلِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومًا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقْرُبَ مِمَّا طَلَبُوهُ وَمَا طَلَبُوهُ كُفْرٌ؟
قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ خَاطِرَ قَلْبٍ وَلَمْ يَكُنْ عَزْمًا وَقَدْ غَفَرَ (١) اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: "اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ" (٢).
وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ وَقَدْ ثَبَّتَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَرْكَنْ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا" (النِّسَاءِ-٨٣) [وَقَدْ تَفَضَّلَ فَلَمْ يَتَّبِعُوا] (٣). ﴿إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ أَيْ: لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ عَذَابِ الْحَيَاةِ وَضَعْفَ عَذَابِ الْمَمَاتِ يَعْنِي: أَضْعَفْنَا لَكَ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَقِيلَ: "الضِّعْفُ": هُوَ الْعَذَابُ سُمِّيَ ضِعْفًا لِتَضَاعُفِ الْأَلَمِ فِيهِ.
﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ أَيْ: نَاصِرًا يَمْنَعُكَ مِنْ عَذَابِنَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا﴾ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةٌ قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَرِهَ الْيَهُودُ مُقَامَهُ بِالْمَدِينَةِ حَسَدًا مِنْهُمْ فَأَتَوْهُ وَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَذِهِ بِأَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ أَرْضَ الْأَنْبِيَاءِ الشَّامُ [وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ وَكَانَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا مِثْلَهُمْ فَأْتِ الشَّامَ] (٤) وَإِنَّمَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا مَخَافَتُكَ الرُّومَ وَإِنَّ اللَّهَ سَيَمْنَعُكَ مِنَ الرُّومِ إِنْ كُنْتَ رَسُولَهُ

(١) في "ب": عفا.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" ص (١٠١) :"لم أجده وذكره الثعلبي عن قتادة مرسلا". وقد تقدم أن هذه العبارة كافية في الحكم عليه بالوضع وعدم اعتداد المصنف رحمه الله بالجواب وترجيحه غيره يدل على ضعفه عنده وقارن بالطبري: ١٥ / ١٣١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٤) ساقط من "أ".

صفحة رقم 112
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية