آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا
ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﰿ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ

فمن قال إنه كان في اليقظة، فالرؤيا بمعنى الرؤية بالعين، ومن قال إنه كان في المنام فالرؤيا منامية، والفتنة على هذا تكذيب الكفار بذلك وارتداد بعض المسلمين حينئذ، وقيل:
إنها رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلّم في منامه هزيمة الكفار وقتلهم ببدر، والفتنة على هذا تكذيب قريش بذلك، وقيل: إنه رأى أنه يدخل مكة فعجل في سنة الحديبية فرد عنها فافتتن بعض المسلمين بذلك وقيل: رأى في المنام أن بني أمية يصعدون على منبره فاغتم بذلك وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ يعنى شجرة الزقوم، وهي معطوفة على الرؤيا أي جعل الرؤيا والشجرة فتنة للناس، وذلك أن قريشا لما سمعوا أن في جهنم شجرة زقوم سخروا من ذلك وقالوا: كيف تكون شجرة في النار والنار تحرق الشجر؟ وقال أبو جهل: ما أعرف الزقوم إلا التمر بالزبد، فإن قيل: لم لعنت شجرة الزقوم في القرآن؟ فالجواب أن المراد لعنة آكلها، وقيل: اللعنة بمعنى الإبعاد لأنها في أصل الجحيم وَنُخَوِّفُهُمْ الضمير لكفار قريش طُغْياناً تمييز أو حال من من أو من مفعول خلقت قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الكاف من أرأيتك للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، وهذا مفعول بأرأيت، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ أي فضلته وأنا خير منه، فاختصر الكلام بحذف ذلك، وقال ابن عطية: أرأيتك هذا بمعنى: أتأملت ونحوه لا بمعنى أخبرني لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ معناه لأستولين عليهم ولأقودنهم، وهو مأخوذ من تحنيك الدابة، وهو أن يشدّ على حنكها بحبل فتنقاد قالَ اذْهَبْ قال ابن عطية، وما بعده من الأوامر: صيغة أمر على وجه التهديد، وقال الزمخشري: ليس المراد الذهاب الذي هو ضدّ المجيء، وإنما معناه: امض لشأنك الذي اخترته خذلانا له وتخلية، ويحتمل عندي: أن يكون معناه للطرد والإبعاد فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ كان الأصل أن يقال جزاؤهم بضمير الغيبة، ليرجع إلى من اتبعك، ولكنه ذكره بلفظ المخاطب تغليبا للمخاطب على الغائب، وليدخل إبليس معهم جَزاءً مَوْفُوراً مصدر في موضع الحال والموفور المكمل.
وَاسْتَفْزِزْ أي اخدع واستخف بِصَوْتِكَ قيل: يعنى الغناء والمزامير، وقيل:
الدعاء إلى المعاصي وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ أي هوّل، وهو من الجلبة وهي الصياح بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ الخيل هنا يراد بها الفرسان الراكبون على خيل، والرّجل: جمع راجل وهو الذي يمشي على رجليه فقيل: هو مجاز واستعارة بمعنى: افعل جهدك، وقيل: إن له من الشيطان خيلا ورجلا، وقيل: المراد فرسان الناس ورجالتهم المتصرفون في الشر وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ مشاركته في الأموال بكسبها من الربا، وإنفاقها في

صفحة رقم 450

المعاصي وغير ذلك، ومشاركته في الأولاد هي بالاستيلاد بالزنا وتسمية الولد عبد شمس وعبد الحارث وشبه ذلك وَعِدْهُمْ يعنى: المواعدة الكاذبة من شفاعة الأصنام وشبه ذلك إِنَّ عِبادِي يعنى المؤمنين الذين يتوكلون على الله بدليل قوله بعد ذلك: وكفى بربك وكيلا ونحوه: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل: ٩٩] يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ أي يجريها ويسيرها والفلك هنا جمع، وابتغاء الفضل في التجارة وغيرها الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ يعنى خوف الغرق ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ضل هنا بمعنى تلف وفقد: أي تلف عن أوهامكم وخواطركم كل من تدعونه إلا الله وحده، فلجأتم إليه حينئذ دون غيره. فكيف تعبدون غيره وأنتم لا تجدون في تلك الشدة إلا إياه وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً أي كفورا بالنعم، والإنسان هنا جنس.
أَفَأَمِنْتُمْ الهمزة للتوبيخ والفاء للعطف أي أنجوتم من البحر فأمنتم الخسف في البر حاصِباً يعنى حجارة أو ريحا شديدة ترمي بالحصباء وَكِيلًا أي قائما بأموركم وناصرا لكم قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ أي الذي يقصف ما يلقى أي يكسره تَبِيعاً أي مطالبا يطالبنا بما فعلنا بكم: أي لا تجدون من ينصركم منا كقوله: وَلا يَخافُ عُقْباها [الشمس: ١٥] وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا يعنى فضلهم على الجن وعلى سائر الحيوان، ولم يفضلهم على الملائكة، ولذلك قال: على كثير وأنواع التفضيل كثيرة لا تحصى: وقد ذكر المفسرون منها كون الإنسان يأكل بيده، وكونه منتصب القامة، وهذه أمثلة بِإِمامِهِمْ قيل: يعنى بنبيهم، يقال: يا أمة فلان، وقيل: يعنى كتابهم الذي أنزل عليهم، وقيل: كتابهم الذي فيه أعمالهم وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا الفتيل هو الخيط الذي في شق نواة التمرة، والمعنى أنهم لا يظلمون من أعمالهم قليلا ولا كثيرا، فعبر بأقل الأشياء تنبيها على الأكثر وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى الإشارة بهذه إلى الدنيا، والعمى يراد به عمى القلب: أي من كان في الدنيا أعمى عن الهدى، والصواب فهو في يوم القيامة أعمى: أي حيران يائس من الخير، ويحتمل أن يريد بالعمى في الآخرة عمى البصر: كقوله وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه: ١٢٤]، وإنما جعل الأعمى في الآخرة أضل

صفحة رقم 451
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية