آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ

توقيفٌ على آلاء اللَّه وفَضْلِهِ ورحمته بعباده، والضُّرُّ، هنا لفظ يعمُّ الغرق وغيره، وأهوال حالات البحر واضطرابه وتموجه، وضَلَّ معناه تلف وفُقِدَ.
وقوله: أَعْرَضْتُمْ، أي: فلم تفكِّروا في جميل صنع اللَّه بكم.
وقوله: كَفُوراً أي: بالنعم والْإِنْسانُ هنا: الجنس، «والحاصب» : العارض الرامي بالبَرَدِ والحجارةِ ومنه الحاصب الذي أصَابَ قوْمَ لوطٍ، «والحَصْبُ» الرمْيُ بالحَصْبَاء، «والقاصف» : الذي يَكْسِر كلَّ ما يلقى ويقصفه، و «تارة» معناه: مرَّة أخرى، «والتبيع» الذي يطلب ثأْراً أو دينا ومن هذه اللفظة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ على مَلِيٍّ فَلْيُتْبِعْ» فالمعنى: لا تجدون مَنْ يَتَتَبَّع فعلنا بكم، ويطلب نصرتكم وهذه الآيات أنوارها واضحة للمهتدين.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٠ الى ٧٣]
وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢) وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣)
وقوله جلَّت عظمته وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ... الآية: عدَّد اللَّه سبحانه على بني آدم ما خصَّهم به من المزايا مِنْ بين سائر الحيوان، ومن أفضل ما أكْرَم به الآدِميَّ/ العقْلُ الذي به يعرفُ اللَّه تعالى، ويفهم كلامه، ويوصِّل إِلى نعيمه.
وقوله سبحانه: عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا المراد ب «الكثير المفضولِ» الحيوانُ والجنُّ، وأما الملائكة، فهم الخارجون عن الكثير المفضول، وليس في الآية ما يقتضي أن الملائكة أفضَلُ من الإِنسِ كما زعمت فرقة بل الأمر محتملٌ أنْ يكونوا أفضَلَ من الإِنس، ويحتمل التساوي.
وقوله سبحانه: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ يحتمل أن يريد باسْمِ إِمامهم، فيقول: يا أمة محمَّد، ويا أتباع فِرْعَوْنَ، ونحو هذا، ويحتمل أن يريد: مع إِمامهم أنْ تجيء كل أمَّة معها إِمامها من هادٍ ومضلٍّ، واختلف في «الإمام»، فقال ابن عباس والحسن:
كتابهم الذي فيه أعمالهم «١»، وقال قتادة ومجاهد: نبيهم «٢»، وقال ابن زيد: كتابهم الذي

(١) أخرجه الطبري (٨/ ١١٦) برقم: (٢٢٥٢١)، وبرقم: (٢٢٥٢٣)، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٣)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥١)، وعزاه لابن جرير.
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١١٥) برقم: (٢٢٥١٥)، وبرقم: (٢٢٥١٩)، وذكره البغوي (٣/ ١٢٥)،

صفحة رقم 486

نَزَلَ عليهم «١»، وقالت فرقة: متَّبَعُهُمْ مِنْ هادٍ أو مُضِلٍّ، ولفظة «الإِمام» تعمُّ هذا كلَّه.
وقوله سبحانه: فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: حقيقةٌ في أن في القيامة صحائفَ تتطاير، وتوضعُ في الأيْمَان لأهل الأَيْمانَ، وفي الشمائل لأهل الكُفْر والخذلان، وتوضع في أيمان المذْنِبِين الذين يَنْفُذُ عليهم الوعيد، فيستفيدون منها أنهم غَيْرُ مخلّدين في النار.
وقوله سبحانه: يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ: عبارةٌ عن السرور بها، أي: يردِّدونها ويتأمَّلونها.
وقوله سبحانه: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا أي: ولا أقلَّ، وقوله سبحانه: وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى: قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد: الإِشارة ب هذِهِ إلى الدنيا، أي:
مَنْ كان في هذه الدارِ أعمى عن النظرِ في آيات اللَّه وعِبَرِه، والإِيمان بأنبيائه «٢»، فهو في الآخرة أعمى على معنى أنه حيرانُ لا يتوجَّه لصوابٍ ولا يلوحُ له نُجْحٌ. قال مجاهد: فهو في الآخرةِ أعمى عن حُجَّته «٣»، ويحتمل أنْ يكون صفةَ تفضيلٍ، أي: أشدُّ عمًى وحيرةً لأنه قد باشر الخَيْبة ورأى مخايل العذاب ويقوِّي هذا التَّأويل قوله، عطفاً عليه: وَأَضَلُّ سَبِيلًا الذي هو «أَفْعَلُ مِنْ كَذَا» والعمى في هذه الآية هو عَمَى القلب، وقولُ سِيَبَوَيْه: لا يقال أعمى مِنْ كَذَا، إِنما هو في عمى العينِ الذي لا تفاضُلَ فيه، وأما في عمى القْلبِ، فيقال ذلك لأنه يقع فيه التفاضل ت: وكذا قال ص وقوله سبحانه: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ... الآية: الضمير في قوله: كادُوا هو لقريشٍ، وقيل: لثقيفٍ، فأما لقريش، فقال ابن جبير ومجاهد: نزلَتِ الآية، لأنهم قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لاَ نَدَعُكَ تستلمُ الحَجَرَ الأسْوَدَ حتى تَمَسَّ أيضاً أوثانَنَا على معنى التشرُّع «٤»، وقال ابن إسحاق وغيره: إِنهم اجتمعوا إليه ليلةً، فعظَّموه، وقالوا له: أنْتَ سيِّدنا، ولكنْ أَقْبِلْ على بعض أمْرنا، ونُقْبِلُ على بعض أمرك، فنزلَتِ الآية في ذلك «٥».

وابن عطية (٣/ ٤٧٣)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥١)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(١) أخرجه الطبري (٨/ ١١٦) برقم: (٢٢٥٢٦)، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٣)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢).
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ١١٧) برقم: (٢٢٥٣٠)، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٤)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥٢)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري (٨/ ١١٨) برقم: (٢٢٥٣٥)، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٤).
(٤) أخرجه الطبري (٨/ ١١٨) برقم: (٢٢٥٣٦)، وذكره البغوي (٣/ ١٢٦)، وابن عطية (٣/ ٤٧٥)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٥٢)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره ابن عطية (٣/ ٤٧٥).

صفحة رقم 487
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية