آيات من القرآن الكريم

۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

وَيُغْرِقُ الْمَرَاكِبَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْقَاصِفُ: رِيحُ الْبِحَارِ (١) الَّتِي تَكْسِرُ الْمَرَاكِبَ وَتُغْرِقُهَا (٢).
وَقَوْلُهُ: ﴿فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ﴾ (٣) أَيْ: بِسَبَبِ كُفْرِكُمْ وَإِعْرَاضِكُمْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَصِيرًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَصِيرًا ثَائِرًا، أَيْ: يَأْخُذُ بِثَأْرِكُمْ بِعْدَكُمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: وَلَا نَخَافُ أَحَدًا يُتْبِعُنَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا (٧٠) ﴾.
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَشْرِيفِهِ لِبَنِي آدَمَ، وَتَكْرِيمِهِ إِيَّاهُمْ، فِي خَلْقِهِ لَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ الْهَيْئَاتِ وَأَكْمَلِهَا (٤) كَمَا قَالَ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التِّينِ: ٤] أَيْ: يَمْشِي قَائِمًا مُنْتَصِبًا عَلَى رِجْلَيْهِ، وَيَأْكُلُ بِيَدَيْهِ -وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ وَيَأْكُلُ بِفَمِهِ -وَجَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَفُؤَادًا، يَفْقَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ، وَيَعْرِفُ مَنَافِعَهَا وَخَوَاصَّهَا وَمَضَارَّهَا فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ.
﴿وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ﴾ (٥) أَيْ: عَلَى الدَّوَابِّ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، وَفِي "الْبَحْرِ" أَيْضًا عَلَى السُّفُنِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ.
﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾ أَيْ: مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ، وَلُحُومٍ وَأَلْبَانٍ، مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الطُّعُومِ (٦) وَالْأَلْوَانِ، الْمُشْتَهَاةِ اللَّذِيذَةِ، وَالْمَنَاظِرِ الْحَسَنَةِ، وَالْمَلَابِسِ الرَّفِيعَةِ (٧) مِنْ سَائِرِ الْأَنْوَاعِ، عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَشْكَالِهَا، مِمَّا يَصْنَعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَجْلِبُهُ إِلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَقَالِيمِ وَالنَّوَاحِي.
﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا﴾ أَيْ: مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَقَدِ استُدل بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ جِنْسِ الْبَشَرِ عَلَى جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبَّنَا، إِنَّكَ أَعْطَيْتَ بَنِي آدَمَ الدُّنْيَا، يَأْكُلُونَ مِنْهَا وَيَتَنَعَّمُونَ، وَلَمْ تُعْطِنَا ذَلِكَ فَأَعْطِنَاهُ فِي الْآخِرَةِ. فَقَالَ اللَّهُ: "وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدِي، كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ" (٨).
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَّصِلًا.
وَقَالَ (٩) الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن صَدَقَة البغدادي، حدثنا إبراهيم

(١) في ت: "البحارة".
(٢) في ف: "يكسر المراكب ويغرقها".
(٣) في ت: "فتغرقكم". وفي ف: "فيغرقكم".
(٤) في أ: "وأجملها".
(٥) في ت، ف: "البر والبحر".
(٦) في ت: "الأطعمة".
(٧) في ت، ف، أ: "المرتفعة".
(٨) تفسير عبد الرزاق (١/٣٢٥).
(٩) في ف: "فقال".

صفحة رقم 97
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية