نزلَتْ في الوليدِ بْنِ المُغِيرة وأصحابه.
وقوله سبحانه: فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا، أي: إلى إِفساد أمرك وإطفاء نورك، وقولهم: أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً الآية في إِنكارهم البَعْثَ، وهذا منهم تعجُّب وإنكار واستبعاد و «الرُّفَاتُ» من الأشياء: ما مَرَّ عليه الزمانُ حتى بلغ غايةَ البِلَى، وقربه مِنْ حالة التُّرَابَ.
وقال ابن عباس: رُفاتاً غباراً «١» وقال مجاهد: تُرَاباً «٢»، وقوله سبحانه: قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً... الآية: المعنى: قل لهم، يا محمَّد، كونوا إِن استطعتم هذه الأشياءَ الصَّعبة الممتَنِعَةَ التأتِّي لا بُدَّ من بعثكم، ثم احتَجَّ عليهم سبحانه في الإعادة بالفِطْرة الأولى من حيثُ خلقُهم واختراعهم من تُرَاب.
وقوله سبحانه: فَسَيُنْغِضُونَ معناه يرفعون ويُخْفِضُون، يريد على جهة التكذيب والاستهزاء. قال الزَّجَّاج: وهو «٣» تحريك مَنْ يبطل الشيء ويَسْتَبْطِئُهُ ومنه قول الشاعر:
[الرجز]
| أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وَأَقْنَعَا | كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئاً أَطْمَعَا «٤» |
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٢]
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢)
وقوله سبحانه: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ: بدل من قوله: قَرِيباً ويظهر أن يكون المعنى «هو يَوْمَ» جواباً لقولهم: «متى هو»، ويريد يدعوكم من قبوركم بالنفْخ في الصُّور لقيامِ الساعة.
وقوله: فَتَسْتَجِيبُونَ، أي: بالقيامِ، والعودة والنهوض نحو الدعوة.
(٢) أخرجه الطبري (٨/ ٨٨) برقم: (٢٢٣٤٥)، وذكره البغوي (٣/ ١١٨)، وذكره ابن عطية (٣/ ٤٦٢)، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٤٤)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٣٣٩)، وعزاه لابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ٢٤٥).
(٤) البيت من شواهد: «المحرر الوجيز» (٣/ ٤٥٢).
(٥) ينظر: «الطبري» (٨/ ٩٢).