آيات من القرآن الكريم

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة في قوله تعالى (لتفسدن في الأرض مرتين) قال: أما المرة الأولى فسلط الله عليهم جالوت حين بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود، ثم ردت الكرة لبنى إسرائيل، ثم جاء وعد الآخرة من المرتين (ليسوؤا وجوهكم) قال: ليقبحوا وجوهكم، (وليتبروا ما علوا تتبيرا) قال: ليدمروا ماعلوا تدميرا، قال: هو بخت نصر، قال: وبعث عليهم في المرة الآخرة، ثم قال: (عسى ربكم أن يرحمكم وأن عدتم عدنا)، فعادوا فبعث الله عليهم محمد، فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
أخرج الطبري بسنده الجيد من طريق علي بن أبي طلحه عن ابن عباس: (فجاسوا خلال الديار) قال: مشوا.
وقد اختلف المفسرون في الذين عنى الله عليهم بقوله (أولى بأس شديد) في ماكان من فعلهم في المرة الأولى في بني إسرائيل حين بعثوا عليهم في المرة الآخرة: - القول الأول: إنه جالوت.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: أما المرة الأولى فسلط الله عليهم جالوت حتى بعث طالوت ومعه داود، فقتله داود.
(وبنحوه أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كما تقدم في الرواية السابقة عنه).
- القول الثاني: إنه سنحاريب.
قال الطبري: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا ابن عليه عن أبي المعلى قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: في قوله (بعثنا عليهم عبادا لنا أولى بأس شديد) قال: بعث الله تبارك وتعالى عليهم في المرة الأولى سنحاريب من أهل أثور ونينوى فسألت سعيدا عنها، فزعم أنها الموصل. ا. هـ، وقوله فزعم أنها الموصل قول صحيح لأن نينوى جزء من المرصل تقع في شمالها.
(ورجاله ثقات وإسناده صحيح إلى سعيد بن جبير، وأبو المعلى هو يحي بن ميمون الضبي العطار الكوفي معروف بالرواية عن سعيد بن جبير وبرواية إسماعيل ابن عليه عنه، كما في تهذيب التهذيب في ترجمة أبي المعلى، ويعقوب بن إبراهيم هو ابن كثير العبدي الدورقي معروف بالرواية عن ابن عليه كما هو في تهذيب التهذيب في ترجمته).

صفحة رقم 219

- القول الثالث: إنه بختنصر المجوسي البابلى: ومن معه من أهل فارس.
قال الطبري: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ظهر بختنصر على الشام فخرب بيت المقدس وقتلهم، ثم أتى دمشق فوجد بها دما يغلى على كبا -أي كناسه- فسألهم ما هذا الدم؟ قالوا: أدركنا آباءنا على هذا وكلما ظهر عليه الكبا ظهر، قال: فقتل على ذلك الدم سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم. فسكن.
(وذكره ابن كثير في التفسير ثم قال: وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب وهذا هو المشهور. ا. هـ. وقد ثبت نحوه عن ابن عباس لقد أخرجه الطبري عن أبي السائب قال ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس. وأبو السائب: سلم بن جنادة، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير ورجاله ثقات إلا المنهال وهو ابن عمرو صدوق فالإسناد حسن، وقد صحح ابن كثير رواية المنهال عن سعيد بن جبير في غير هذا الموضع. ولا مانع من الجمع بين الأقوال الثلاثة. (انظر البداية والنهاية ١/٧٨). وهذه الرواية تقوي سابقتها لكن في بعضها غرابة وهو مقتل يحيى بن زكريا، انظر (البحر المحيط ٦/١٠-١١).
قوله تعالى (ثم رددنا لكم الكرة عليهم)
وأخرج الطبري بالإسناد الصحيح المتقدم عن قتادة (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) ثم رددت الكرة لبني إسرائيل.
قوله تعالى (وجعلناكم أكثر نفيرا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (وجعلناكم أكثر نفيرا) أي عددا وذلك في زمن داود.
قوله تعالى (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من أحسن -أي بالإيمان والطاعة- فإنه إنما يحسن إلى نفسه لأن نفع ذلك لنفسه خاصة، وأن من أساء -أي بالكفر والمعاصي- فإنه إنما يسيء على نفسه لأن ضرر ذلك عائد إلى نفسه خاصة، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها) الآية، وقوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال

صفحة رقم 220
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
حكمت بشير ياسين
الناشر
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
سنة النشر
1420 - 1999
الطبعة
الأولى ، 1420 ه - 1999 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية