آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ

قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾ ؛ نزلَ في قومٍ من المشركين كادوا يُؤذُونَ النبيَّ ﷺ إذا قرأ القرآنَ، قال الكلبيُّ :(هُمْ أبُو سُفْيَانَ وَالنَّضْرُ بنُ الْحَرِثِ وَأبُو جَهْلٍ وَأُمُّ جَمِيلٍ امْرَأةُ أبي لَهَبٍ، حَجَبَ اللهُ رَسُولَهُ عَنْ أبْصَارِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَكَانُواْ يَأْتُونَهُ وَيَمُرُّونَ بهِ وَلاَ يَرَوْنَهُ)
وعن سعيدِ بن جُبير قال :" (لَمَّا نَزَلَتْ ﴿ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد : ١] جَاءَتِ امْرَأةُ أبي لَهَبٍ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَمَعَهُ أبُو بَكْرٍ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ تَجَنَّبْتَ عَنِ امْرَأةِ أبي لَهَبٍ لِئَلاَّ تُسْمِعَكَ، فَإنَّهَا امْرَأةٌ نَدِيَّةٌ، فَقَالَ ﷺ :" إنَّّهُ سَيُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا " فَجَاءَتْ أُمُّ جَمِيلٍ وَلَهَا وَلْوَلَةٌ وَفِي يَدِهَا فِهْرٌ، وَهِيَ تَقُولُ : هَذا مِمَّا أبَيْنَا وَدِينِهِ قَلَيْنَا وَأمْرِهِ عَصَيْنَا.
وَرَسُولُ اللهِ ﷺ جَالِسٌ وَأبُو بَكْرٍ إلَى جَنْبهِ. فَقَالَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه : لَقَدْ أقْبَلَتْ هَذِهِ وَأنَا أخَافُ أنْ تَرَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ : إنَّهَا لَنْ تَرَانِي، وَقَرَأ ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾. قَالَ : فَجَاءَتْ حَتَّى قَامَتْ عِنْدَ أبي بَكْرٍ وَلَمْ تَرَ النَّبيَّ ﷺ فَقَالَتْ : يَا أبَا بَكْرٍ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي، فَقَالَ : لاَ وَرَب الْبَيْتِ مَا هَجَاكِ، فَانْدَفَعَتْ رَاجِعَةً، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ أمَا رَأتْكَ ؟ قَالَ :" لا ". قال : لِمَ ؟ قَالَ :" نَزَلَ مَلَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَهَا يَسْتُرُنِي حَتَّى ذهَبْتُ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾ أي سَاتِراً لَهم عن إدراكهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ﴾ ؛ أي منعناهم عن تدبُّرِ كلامِ النبيِّ ﷺ في وقتٍ مخصوصٍ، وهو الوقتُ الذي أرادوا إيذاءَهُ فيهِ، ﴿ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً ﴾ ؛ ففِي ذلك الوقتِ صرَفنا آذانَهم عن الاستماعِ إليه، والمعنى : طبَعنا على قُلوبهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ ﴾ ؛ يعني إذا قُلتَ : لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وأنتَ تَتلُو القرآنَ، ﴿ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ﴾، قال ابنُ عبَّاس :(كَارهِينَ أنْ يُوَحِّدُواْ اللهَ)، وقال قتادةُ :" إنَّ النَّبيَّ ﷺ لَمَّا قَالَ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، أنْكَرَ ذلِكَ الْمُشْرِكُونَ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمْ ". والمعنى : انصَرَفُوا عنكَ هاربين ؛ كراهةً لما يسمعونَهُ من توحيدِ الله.

صفحة رقم 277
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية