
صادقاً، فإنها تقدم الآن. قال أجل. قالوا: فحدثنا بعدتها، وأحمالها، ومن فيها. قال: كنت مشغولاً عنها. فمثل ذلك لرسول الله [ ﷺ] فقال هي منحدرة من الثنية يقدمها جمل أورق عدتها كذا وكذا، وأحمالها كذا وكذا، فيها فلان وفلان، يسمي الرهط الذين فيها، وخرج رهط من قريش يسعون إلى الثنية فإذا هم بها حين انحدرت على ما [وصفها] لهم [النبي] ﷺ ".
وأخبار الإسراء كثيرة مختلفة الألفاظ، منها المطول، ومنها المختصر، والمعاني متقاربة، فاقتصرنا على ما ذكرنا اختصاراً.
قوله: ﴿وَآتَيْنَآ مُوسَى الكتاب وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ إلى قوله: ﴿عَبْداً شَكُوراً﴾.
ذرية نصب على النداء، أو على البدل من وكيل، لأنه بمعنى الجميع، وعلى أنه مفعول ثان ليتخذوا. أو على إضمار أعني. هذا كله على قراءة من

قرأ [يتخذ [وا] بالياء. فأما من قرأ بالتاء، فذرية نصب على النداء أو على البدل من وكيل وفيه بعد في المعنى.
والمعنى: سبحان الذي أسرى بعبده وأتى موسى الكتاب وهو التوراة. لكنه خرج من الغيبة إلى الأخبار وذلك كثير في القرآن وفي كلام العرب.
وقوله: ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾.
[أي]: بياناً لهم ودليلاً إلى الحق لئلا يتخذوا من دوني شريكاً. وقيل: وكيل رب. وقيل: كفيل. وقيل: وكيلاً كافياً. وقيل معناه: لئلا يتخذوا من دوني رباً.
وعني بالذرية هنا جميع من احتج عليهم بهذا القول من جميع الأمم لأن من على وجه الأرض من جميع بني آدم كلهم ذرية من أنجى الله [ تعالى] في السفينة مع نوح [ ﷺ].

وهو نوح وثلاثة بنون وامرأته وثلاث نسوة لبنيه. وبنوه هم سام وحام ويافث. أما سام فأبو العرب وأما حام فأبو الحبش وأما يافث فأبو الروم. وقد تقدم ذكر هذا بأوعب من هذا البيان.
ثم قال تعالى: ﴿نَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً﴾.
يعني: نوحاً [ ﷺ]. قال سلمان الفارسي: إنما سمي نوحاً عبداً شكوراً، لأنه كان إذا لبس ثوباً حمد الله، وإذا أكل طعاماً حمد الله، وهو قول مجاهد.
وقيل: إنه كان يقول إذا أكل [طعاماً] الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني. وإذا شرب قال: الحمد لله الذي سقاني ولو شاء أظمأني. وإذا لبس ثوباً قال: الحمد لله الذي أكساني، ولو شاء أعراني. وإذا لبس نعلاً، قال: الحمد لله الذي حذاني ولو شاء أحفاني. وإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذي أخرج عني

الأذى ولو شاء لحبسه.
وقيل: سمي " شكوراً " / لأنه كان يقول: إذا خرج البراز منه: الحمد لله الذي سوغنيك طيباً وأخرج مني أذاك وأبقى منفعتك.
وقيل: سمي بذلك لأنه كان إذا لبس ثوباً جديداً قال: الحمد لله، وإذا أخلقه قال الحمد لله. وقال القرظي: كان [يقول] إذا أكل أو شرب أو ركب دابة أو لبس ثوباً [ال] حمد لله. و [روي] عن سلمان أيضاً مثله.
فالحمد لله والشكر له والإقرار له بالحمد على نعمه يعني: بالشكر. وروي عن بعض الصحابة أو بعض التابعين أنه قال: لو جمع نعم الدنيا كلها في قشرة بيضة ثم لحسه مؤمن، وقال الحمد لله لأدى شكر [هـ] ذلك.

وروى مالك عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة [أنه] قال: قال رسول الله ﷺ:
" إذا مرض العبد، المؤمن بعث الله [ تعالى] إليه ملكين فيقول: انظرا ما يقول لعواده. فإن هو إذا دخلوا عليه حمدا لله رفعوا ذلك إلى الله [ تعالى]، وهو أعلم، فيقول الله تعالى: لعبدي، إن أنا توفيته، أن ادخله الجنة، وإن أنا شفيته، أن أبدله لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته ".
وروى مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي ﷺ