آيات من القرآن الكريم

وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

تنبيه:
استحب بعض السلف أن يدعو المرء لوالديه في أواخر التشهد قبيل السلام، لأنه وقت فاضل. وقد جمعت من الأدعية المأثورة للوالدين المتوفيين أو أحدهما، جملة ضممتها لكتابي (الأوراد المأثورة). لا أزال أدعو لهما بما في السحر أو بين أذان الفجر وإقامة صلاته، لما أرى من مزية هذا الوقت على غيره. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٢٥ الى ٢٧]
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً (٢٥) وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧)
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ أي ضمائركم من قصد البر إلى الوالدين والعقوق إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ أي قاصدين للصلاح والبرّ دون العقوق فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ أي التوابين الرجاعين إليه تعالى بالندم عما فرط منهم، والاستقامة على المأمور غَفُوراً أي لهم ما اكتسبوا. ولا يخفى ما في صدر الآية من الوعد لمن أضمر البرّ. والوعيد لمن أضمر الكراهة والاستثقال والعقوق.
قيل: الآية استئناف يقتضيه مقام التأكيد والتشديد. كأنه قيل: كيف يقوم بحقهما وقد تبدر بوادر؟ قفيل: إذا بنيتم الأمر على الأساس، وكان المستمر ذلك، ثم اتفقت بادرة من غير قصد إلى المساءة، فلطف الله يحجز دون عذابه. ويجوز- كما قال الزمخشريّ- أن يكون هذا عامّا لكل من فرطت منه جناية ثم تاب منها.
ويندرج تحته الجاني على أبويه، التائب من جنايته، لوروده على أثره. ثم وصّى تعالى بغير الوالدين من الأقارب، بعد الوصية بهما، بقوله سبحانه: وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ أي من صلته وحسن المعاشرة والبرّ له بالاتفاق عليه.
قال المهايميّ: لم يقل (القريب) لأن المطلق ينصرف إلى الكامل. والإضافة، لما كانت لأدنى الملابسة، صدق (ذو القربى) على كل من له قرابة ما.
وَالْمِسْكِينَ أي الفقير من الأباعد. وفي الأقارب مع الصدقة صلة الرحم. وَابْنَ السَّبِيلِ أي المسافر المنقطع به. أي أعنه وقوّه على قطع سفره. ويدخل فيه ما يعطاه من حمولة أو معونة أو ضيافة. فإن ذلك كله من حقه وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً أي بوجه من الوجوه، بالإنفاق في محرم أو مكروه، أو على من لا يستحق، فتحسبه

صفحة رقم 455
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية