آيات من القرآن الكريم

وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا
ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ

﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨)﴾.
[١٠٨] ﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا﴾ عن خلفِ الموعدِ.
﴿إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ كائِنًا لا محالةَ.
...
﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)﴾.
[١٠٩] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ كَرَّرَ القولَ لتكرُّرِ الفعلِ منهم، وهذه مبالغةٌ ومدحٌ لهم، وذكرَ الذقنَ؛ لأنها أقربُ ما في رأسِ الإنسانِ إلى الأرضِ، لا سيما عندَ سجودِه.
﴿وَيَزِيدُهُمْ﴾ القرآنُ ﴿خُشُوعًا﴾ تَواضُعًا، وهذا محلُّ سجودٍ بالاتِّفاقِ، وتقدَّمَ اختلافُ الأئمةِ في سجودِ التلاوةِ وحكمِه، وسجودِ الشكرِ آخرَ سورةِ الأعرافِ مستوفًى.
...
﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١١٠)﴾.
[١١٠] قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنه: "سجدَ رسولُ الله - ﷺ - بمكةَ ذاتَ ليلةٍ فجعلَ يقولُ في سجودِهِ يا اللهُ يا رَحْمَنُ"، فقال أبو جهلٍ: إن محمدًا ينهانا عن آلِهتنا، وهو يدعو إلهينِ، فأنزل اللهُ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ (١) المعنى: أنهما اسمانِ لواحدٍ، فإنْ دعوتموهُ باللهِ، فهو ذلكَ،

(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٥/ ١٨٢)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ١٦٩)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٧٢٣)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٣٤٨).

صفحة رقم 140

وإن دعوتموهُ بالرحمنِ، فهو ذلك. قرأ عاصمٌ، وحمزةٌ: (قُلِ ادْعُوا) (أَوِ ادْعُوا) بكسرِ اللامِ والواو في الوصل، وافقَهُما يعقوبُ في كسرِ اللامِ فقط، وقرأ الباقون: بضمِّهما (١).
﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا﴾ و (ما) صلةٌ، مجازُه: أَيًّا تَدْعو؛ كقولهِ (عَمَّا قَلِيل) و (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ)، وتقديرهُ: أيَّ الأسماءِ تدعو به، فأنتَ مصيبٌ، ووقفَ حمزةُ، والكسائيُّ، ورويسٌ عن يعقوبَ على قوله: (أيًّا) دونَ (ما)، وعَوَّضُوا من التنوينِ ألفًا، ويبتدِئون (مَا تَدْعُوا) بتقدير: الذي تدعوهُ، ووقفَ الباقونَ على (ما) (٢).
﴿فَلَهُ﴾ سبحانَه ﴿الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ التي تقتضي أفضلَ الأوصافِ.
﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ أي: بقراءتك في صلاتِك، فَيَسُبَّكَ المشركونَ.
﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ ولا تُخْفيها عن أصحابِك المصلِّينَ معكَ.
﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ الفعلِ، وهو الجهرُ، والمخافة.
﴿سَبِيلًا﴾ طريقًا وَسَطًا.
...
﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)﴾.

(١) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٣٨٩)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٢٥)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٣٤)، ورويت القراءة بضم اللام عن يعقوب.
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ٦١)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٨٧)، و "معجم القراءات القرآنية" (٣/ ٣٤٣).

صفحة رقم 141
فتح الرحمن في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو اليمن مجير الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي الحنبلي
تحقيق
نور الدين طالب
عدد الأجزاء
1