آيات من القرآن الكريم

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ

فدعوى المدعي: أن هذا نظير تخلية السيد بين عبيده وإمائه يفجر بعضهم ببعض، ويسبي بعضهم بعضا أكذب دعوى وأبطلها. والفرق بينهما أظهر وأعظم من أن يحتاج إلى ذكره، والتنبيه عليه. والحمد لله الغني الحميد. فغناه التام فارق، وحمده وملكه، وعزته وحكمته وعلمه، وإحسانه وعدله، ودينه وشرعه وحكمه وكرمه، ومحبته للمغفرة والعفو عن الجناة، والصفح عن المسيئين، وقبوله توبة التائبين، وصبر الصابرين، وشكر الشاكرين الذين يؤثرونه على غيره، ويتطلبون مرضاته، ويعبدونه وحده، ويسيرون في عبيده سيرة العدل والإحسان والنصائح، ويجاهدون أعداءه، فيبذلون دماءهم وأموالهم في محبته ومرضاته. ليتميز الخبيث من الطيب، ووليه من عدوه، ويخرج طيبات هؤلاء وخبائث أولئك إلى الخارج، فيترتب عليها آثارها المحبوبة للرب تعالى من الثواب والعقاب، والحمد لأوليائه والذم لأعدائه.
[سورة النحل (١٦) : آية ٩٩]
إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)
فإن قيل: فقد أثبت له على أوليائه هاهنا سلطانا، فكيف نفاه بقوله تعالى حاكيا عنه مقررا له ١٤: ٢٣ وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ، وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي وقال تعالى: ٣٤: ٢٠، ٢١ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ.
قيل: السلطان الذي أثبته له عليهم غير السلطان الذي نفاه من وجهين.
أحدهما: أن السلطان الثابت: هو سلطان التمكن منهم، وتلاعبه

صفحة رقم 358
التفسير القيم من كلام ابن القيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، شمس الدين، ابن قيم الجوزية
تحقيق
مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان
الناشر
دار ومكتبة الهلال - بيروت
سنة النشر
1410
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية