آيات من القرآن الكريم

وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ۖ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ

وقَالَ بَعْضُهُمْ قولهم: (هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ): الأصنام التي عبدوها.
(فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ): أي: يكذبونهم، وهو ما ذكر: (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ)؛ يكذبونهم فيما قالوا، ويخبرون أنهم كانوا غافلين عن عبادتهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: شركاؤهم الملائكة الذين عبدوهم، كقوله: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ): أخبر أنهم إنما عبدوا الجن بأمرهم ولم يعبدوهم، أو يكون شركاؤهم رؤساءهم الذين انقاد الأتباع لهم ويحتمل الأصنام وما ذكر، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ).
هو ما ذكرنا: يقولون لهم: إنكم لكاذبون، أو يكذبونهم فيما يزعمون ويدعون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧)
أي: يخضعون كلهم لله يومئذ، ويخلصون له الدِّين، ويسلمون له الأمر والألوهية.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
أي: بطل عنهم ما طمعوا بعبادتهم الأصنام والأوثان التي عبدوها من الشفاعة وغيرها؛ كقولهم: (مَا نعبُدُهُم إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وقولهم: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ): بطل عنهم ما طمعوا ورجوا من عبادة أُولَئِكَ من الشفاعة لهم، والقربة إلى اللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨)
قَالَ بَعْضُهُمْ: هَؤُلَاءِ كانوا رؤساء الكفرة وقادتهم ضلوا هم بأنفسهم وأضلوا أتباعهم؛ فلهم العذاب الدائم بكفرهم بأنفسهم، وزيادة العذاب بإضلال غيرهم، وهو كقوله: قوله تعالى: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ). وكقوله: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ...) الآية: أخبر أنهم يحملون أوزارهم، وأوزار الذين أضلوهم ومنعوهم عن الإسلام؛ فعلى ذلك قوله: (زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ)؛ بما أضلوا أتباعهم، وسعوا في الأرض بالإفساد، وهو قول

صفحة رقم 553
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية