
﴿والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم﴾ عطف على قوله تعالى والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا منتظمٌ معه في سلك أدلةِ التوحيد من قوله تعالى والله أَنزَلَ مِنَ السماء مَآء وقولِه تعالى والله خَلَقَكُمْ وقوله تعالى والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ والأمهات بضم الهمزة وقرئ بكسرها أيضا جمع الأمر زيدت الهاء فيه كما زيدت في أهراق من أراق وشذّت زيادتُها في الواحدة قال... أُمهتي خِندِفُ والياسُ أبي...
﴿لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾ في موقعِ الحالِ أي غيرَ عالمين شيئاً أصلاً ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والابصار والافئدة﴾ عطف على أخرجكم وليس فيه دلالةٌ على تأخر الجعل المذكورِ عن الإخراج لما أن مدلولَ الواو هو الجمعُ مطلقاً لا الترتيبُ على أن أثر ذلك الجعلِ لا يظهر قبل الإخراج أي جعل لكم هذه الأشياءَ آلاتٍ تحصّلون بها العلمَ والمعرفة بأن تُحِسوا بمشاعركم جزئياتِ الأشياء وتُدركوها بأفئدتكم وتتنبهوا لما بينها من المشاركات والمباينات بتكرر الإحساسِ فيحصل لكم علوم

النحل ٧٩ ٨٠ بديهيةٌ تتمكنون بالنظر فيها من تحصيل العلومِ الكسبية والأفئدة جمع فؤاد وهو وسط القلب وهو من القلب كالقلب من الصدور وهو من جموع القلة التي جرت مَجرى جموعِ الكثرة وتقديمُ المجرور على المنصوبات لما مر من الإيذانُ من أول الأمرِ بكون المجعول نافعاً لهم وتشويقِ النفس إلى المؤخر ليتمكن عند ورودِه عليها فضلُ تمكن ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ كي تعرِفوا ما أنعم به عليكم طوراً غِبَّ طَورٍ فتشكروه وتقديمُ السمع على البصر لما أنه طريق تلقي الوحي أو لأن إدراكه أقدمُ من إدراك البصر وإفرادُه باعتبار كونه مصدراً في الأصل
صفحة رقم 132