آيات من القرآن الكريم

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ۖ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

إلهاً غيري.
وقيل معناه: لا تمثلوا الله [سبحانه] بخلقه فتقولوا: هو يحتاج إلى شريك ومشاور فإن هذا إنما يكون لمن لا يعلم ودل على هذا المعنى قوله [ تعالى] :
﴿ إِنَّ الله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾.
وقيل معناه: لا تمثلوا خلق الله به، فتجعلوا له من العبادة مثل ما لله [سبحانه].
قال تعالى: ﴿ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ﴾ الآية.
هذا مثل ضربه الله [ تعالى] للكافر والمؤمن، قال قتادة: قوله: ﴿عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ﴾، هذا مثل ضربه الله [ تعالى] للكافر رزقه الله مالاً، فلم يقدر فيه على [خير]، ولم يعمل فيه بطاعة الله [ تعالى] ثم قال [تعالى]: ﴿وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً﴾

صفحة رقم 4048

فهذا للمؤمن أعطاه الله مالاً يعمل فيه بطاعته فأخذ فيه بالشكر ومعرفة الله [ تعالى]، فأثابه الله [سبحانه] على / ما رزقه [في] الجنة.
ثم قال: ﴿هَلْ يَسْتَوُونَ﴾.
أي: هل يستوي هذان وهما بشران؟ فكيف سويتم أيها المشركون بين الله وبين الحجارة التي لا تعقل ولا تنفع ولا تضر.
وقيل: " العبد المملوك " أبو جهل بن هشام، و ﴿وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً﴾ أبو بكر الصديق رضي الله عنهـ لا يستويان.
وقيل: " العبد المملوك " الصبي لأنه عاجز مربوب ﴿وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً﴾ مثل لله رب العالمين، لأنه يرزق المخلوقين ويلطف بهم من حيث [يعلمون ومن حيث] لا يعلمون، وهذا قول: مجاهد، قال مجاهد: هو مثل لله الخالق ومن يدعى

صفحة رقم 4049

من دونه من الباطل.
ثم ضرب لهم مثلاً آخر فقال: ﴿وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ﴾ وهو المطبق الذي لا ينطق ولا يسمع. ﴿وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ﴾ أي: على وليه ﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ أي: هل يستوي القادر التام التمييز، والعاجز الذي لا يسمع ولا يتكلم ولا يأتي بخير؟ فهما لا يستويان عندكم لاختلاف أحوالهما، وهما بشران، فكيف سويتهم بين الله [سبحانه] والأحجار؟.
وقال مجاهد والضحاك: هذا مثل لله [ تعالى] ومن عبد من دونه. وقال

صفحة رقم 4050

قتادة: هو للمؤمن والكافر.
وقال ابن عباس: أنزلت هذه الآية: ﴿ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ﴾ في هشام بن عمر، وهو الذي لا ينفق، ومولاه أبو الجوزاء الذي كان ينهاه.
وقوله: ﴿[وَ] ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ﴾ الأبكم منهما: الكل على مولاه أسيد بن أبي العاصي، والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم عثمان بن عفان.
وقيل: الأبكم يعني به أبي بن خلف هو كالأبكم إذ لا ينطق بخير، وهو كل على قومه كان يؤذيهم ويؤذي عثمان بن مظعون.
﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل﴾ يعني: حمزة بن عبد المطلب.

صفحة رقم 4051

وقيل: هو مثل ضربه الله [ تعالى] لنفسه والصنم المعبود من دونه وهو الأبكم والفاض هو مثل لله.
وقيل الفاضل من الرجلين عثمان بن عفان رضي الله [عنه] والأبكم مولى له كافر، قال: ابن عباس.
وقال مجاهد: الذي يأمر بالعدل، هو الله [ تعالى] والأبكم ما يدعون / من دونه من الأصنام.
قوله: ﴿الحمد لِلَّهِ﴾.
أي: الحمد الكامل لله دون من يدعا من دونه من الأوثان.
قوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.
أي: فعلهم فعل من لا يعلم، وإن كانوا يعلمون. وقيل معناه: أنهم لا يعلمون وعليهم أن يعلموا.
وقيل إن قوله: ﴿رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ﴾ إنما هو مثل للصنم لا يسمع ولا ينطق.

صفحة رقم 4052

﴿وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ﴾ أي: كَلُّ على من يعبده ويلي أمره، يحتاج أن يخدمه ويحمله ويضعه.
﴿أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ﴾.
أي: لا يفهم ما يقال له فيأتمر لمن أمره، ولا يأمر ولا ينهى.
﴿هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل﴾.
أي: هل يستوي هذا الصنم، والله الواحد القهار الذي يدعو إلى التوحيد وهو على صراط مستقيم. قاله: قتادة. وقيل: هذا المثل أيضاً إنما هو للمؤمن والكافر.
واستدل بعض الفقهاء بهذه الآية أن العبد لا يملك. ومن جعل الآية مثلاً

صفحة رقم 4053
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية