آيات من القرآن الكريم

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ

دليل على أن أمر الله- سبحانه- لا يستلزم موافقة إرادته فإنه يأمر الكل بالإيمان، ولا يريد الهداية إلا للبعض، وهذا رد لحجتهم وتفنيد لكلامهم، ثم قال: فسيروا في الأرض. وانظروا كيف كان عقاب المكذبين، ودعوكم من هذه الحجج الواهية، والمناقشة الباطلة.
ثم خصص الخطاب برسوله صلّى الله عليه وسلّم ليؤكد ما تقدم بقوله:
إن تحرص على هدايتهم وتطلبها فليس يجدي ذلك شيئا فإن وراء الهداية والطلب باللسان توفيق الله وإلهامه، والله- سبحانه- لا يهدى ولا يوافق الضالين المكذبين الذين ختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.
انظر إليهم متعجبا وقد أقسموا بالله، وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت.
بل يبعث من يموت، ويعد ذلك وعدا عليه حقا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
يبعث الله الخلق ليبين لهم الذي يختلفون فيه من أمر البعث، وليظهر لهم أنه حق أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا [الأعراف ٤٤]، وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين.
وما لكم لا تؤمنون بالعبث؟ وتقولون من يحيى العظام وهي رميم؟ وما علمتم أن كل شيء في الكون خاضع له سبحانه، وإذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [سورة النحل آية ٤٠].
جزاء المؤمنين وتهديد الكافرين [سورة النحل (١٦) : الآيات ٤١ الى ٥٠]
وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥)
أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠)

صفحة رقم 311

المفردات:
هاجَرُوا فِي اللَّهِ الهجرة: ترك الأوطان والأهل والبلد في سبيل الله وهي بعد ذلك ترك السيئات من الأعمال لَنُبَوِّئَنَّهُمْ لننزلنهم في الدنيا منزلا حسنا يَخْسِفَ خسف المكان يخسف خسوفا ذهب في الأرض وخسف الله به الأرض غاب فيها فِي تَقَلُّبِهِمْ في أسفارهم وتصرفهم عَلى تَخَوُّفٍ مع تخوف وتوقع للبلايا، وقيل التخوف والتنقص في المال والأنفس والثمرات يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ يميل من جانب إلى جانب ومنه قيل للظل بالعشي: فيء، لأنه فاء من المغرب إلى المشرق أى: رجع والفيء الرجوع، ومنه حتى تفيء إلى أمر الله أى: ترجع داخِرُونَ خاضعون صاغرون والدخور: الصغار والذل.

صفحة رقم 312

المعنى:
والذين هاجروا من بلادهم وأوطانهم، وتركوا أموالهم وأولادهم في سبيل الله وحبا في رضائه، هاجروا من بعد ما ظلموا، وذاقوا الأمرين من المشركين، قيل نزلت في بلال. وصهيب، وخباب، وعمار عذبهم أهل مكة حتى ذاقوا العذاب ألوانا، وقال قتادة نزلت في المهاجرين إلى الحبشة والأولى أن تفهم في الآية العموم، وأنها تشمل كل من عذب في سبيل الله وهاجر لله ولا مانع من أن تفهم الهجرة على أنها ترك المنهيات كما
ورد في الحديث «والمهاجر من ترك ما نهى الله».
والذين هاجروا في سبيل الله لينزلهم الله منزلا ويعطيهم عطاء حسنا في الدنيا، فيه سعادتهم وغناؤهم وعزهم، ولأجر الآخرة أكبر وأفضل من أجر الدنيا، إذ الآخرة هي دار الجزاء والبقاء، لو كانوا يعملون، ولو رأوه لعلموا أنه خير وأفضل بكثير، هؤلاء المهاجرون هم الذين صبروا واحتسبوا أجرهم عند الله، وعلى ربهم فقط يتوكلون ويعتمدون.
ولقد كانت قريش ترى أن الله أجل وأعلى من أن يرسل بشرا أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ [سورة يونس آية ٢].
فيرد الله عليهم بقوله وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى وليسوا من أهل السماء كالملائكة، ويأمر الله نبيه بقوله قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا [سورة الإسراء آية ٩٣].
فإن شككتم في ذلك فاسألوا أهل الذكر والعلم من أهل الكتاب فهم أدرى منكم وأعلم بالرسول إن كنتم لا تعلمون، ويقولون لكم: إن جميع الرسل بشر، ولم يرسل الله رسولا إلا وكان بشرا من خلقه أوحى إليهم بدين صحيح موافق لعصره نعم ما أرسل الله من قبلك إلا رجالا أوحى إليهم بالآيات البينات وأنزل معهم الكتاب.
وأما أنت يا رسول الله فقد أنزل الله إليك الذكر والقرآن لتبين للناس ما أنزل إليهم، فأنت أدرى الناس به، وأحرص الناس عليه وعلى اتباع الناس له، فأنزله إليك لتبينه للناس ولعلهم يتفكرون ويهتدون.
أعمى هؤلاء الكفار فأمنوا جزاء مكرهم وعملهم السيئات!! أفأمنوا أن يخسف

صفحة رقم 313
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية