آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ۖ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﱿ

ثم قال: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ﴾.
أي: بما حاد عن طريق الهدى من المختلفين في السبت وغيره.
﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾ أي: يسلك الطريق المستقيم.
قوله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ إلى آخر السورة.
المعنى: وإن ظفرتم أيها المؤمنون بالمشركين فافعلوا بكم
﴿وَلَئِن صَبَرْتُمْ﴾ عن عقوبتهم وأحسنتم [واحتسبتم] عند الله [ تعالى] ما نالكم منهم للصبر خير للصابرين.
وهذه الآيات الثلاث: نزلن بالمدينة دون سائر السورة. نزلت حين

صفحة رقم 4116

أقسم النبي ﷺ وأصحابه ليمثلن بالمشركين إن ظفروا بهم كما فعل المشركون بحمزة وغير [هـ] يوم أحد من التمثيل [بهم. وروي عن النبي ﷺ " لما بلغه ما فعلوا بحمزة من التمثيل].
قال: " لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلاً منهم " فلما سمع ذلك المسلمون قالوا: والله لئن أظهرنا الله عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب فأمرهم الله [ تعالى] أن يفعلوا بهم مثل ما فعلوا، ولا يتجاوزوا إلى أكثر، ثم أعلمهم أن الصبر وترك الانتقام بالمثلة خير وأحسن.
وقيل: إنها منسوخة بقوله: ﴿واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله﴾
وقيل: هي منسوخة بالقتال والأمر به، وإنما كان هذا أمر الله [ تعالى] نبيه [ ﷺ] ألا يقاتل إلا من قاتله لقوله: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الذين يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تعتدوا﴾ [البقرة: ١٩٠].

صفحة رقم 4117

أي: تقاتلوا من لم يقاتلكم. فقال المسلمون إن قاتلونا وأظهرنا الله تعالى عليهم لنمثلن بهم فنسخ ذلك في براءة بقوله ﴿فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] وهذا القول: مروي عن ابن عباس.
ومن قال: إن هذه الآية، قال: عني بقوله ﴿واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله﴾ نبي الله [ تعالى] وحده ثم نسخ ذلك بالأمر بالقتال في براءة وهو قول ابن زيد.
وعن ابن سيرين والنخعي وسفيان: إن الآية عامة معناها من ظلم بظلامة فلا يحل [له] أن يأخذ من ظالمه أكثر مما ناله منه ولا يتجاوز إلى أكثر من حقه.
وروى أبو هريرة: " أن النبي ﷺ وقف على حمزة بن عبد المطلب حيث استشهد فنظر إلى شيء لم ينظر قط إلى شيء كان أوجع منه لقلبه ونظر إليه، قد مثل به، فقال:

صفحة رقم 4118

رحمة الله عليك، فإنك كنت ما علمتك، فعولاً للخيرات، وصولاً للرحم، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى. أما والله، مع ذلك، لأمثلن بسبعين منهم. فنزل جبريل [والنبي صلى الله / عليهما] واقف بخواتم النحل ".
﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ﴾ الآية. فصبر النبي ﷺ، وكفر عن يمينه، ولم يمثل بأحد.
ثم قال تعالى: ﴿واصبر وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله﴾.
أي: اصبر يا محمد على أذى من أذاك، وما صبرك إذا صبرت إلا بمعونة الله [لك] وتوفيقه إياك لذلك.
﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ أي: على هؤلاء المشركين الذين يكذبون ويمثلون بالمسلمين. ﴿وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ﴾ أي: لا يضيق صدرك من قولهم فيما جئتهم به أنه سحر، وأنه شعر، والمكر الخديعة. ﴿إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا﴾ [أي: الذين اتقوا] محارمة ﴿والذين هُم مُّحْسِنُونَ﴾ أي: الذين احسنوا فيما فرض الله عليهم.

صفحة رقم 4119
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية