آيات من القرآن الكريم

وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ

قوله تعالى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ أي: زينة، حِينَ تُرِيحُونَ أي: حين تردُّونها إِلى مراحها، وهو المكان الذي تأوي إِليه، فترجع عِظَامَ الضُّرُوعِ والأَسْنِمَة، فيقال: هذا مال فلان، وَحِينَ تَسْرَحُونَ:
ترسلونها بالغداة إِلى مراعيها. فإن قيل: لم قدَّم الرَّواح وهو مؤخَّر؟ فالجواب: أنها في حال الرواح تكون أجمل لأنها قد رعت، وامتلأت ضروعها، وامتدّت أسنمتها.
قوله تعالى: وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ الإِشارة بهذا إِلى ما يطيق الحمل منها، والأثقال: جمع ثقل، وهو متاع المسافر. وفي قوله تعالى: إِلى بَلَدٍ قولان: أحدهما: أنه عامّ في كل بلد يقصِدُه المسافر، وهو قول الأكثرين. والثاني: أن المراد به: مكة، قاله عكرمة، والأول أصح. والمعنى: أنها تحملكم إِلى كل بلد لو تكلفتم أنتم بلوغه لم تبلغوه إِلا بشِق الأنفس.
وفي معنى «شِق الأنفس» قولان: أحدهما: أنه المشقة، قاله الأكثرون. قال ابن قتيبة: يقال:
نحن بشِق من العيش، أي: بجهد.
(٨٥٦) وفي حديث أم زرع: «وجدني في أهل غُنَيْمَةٍ بِشِقّ».
والثاني: أن الشِّق: النِّصف، فكان الجهد ينقص من قوة الرجل ونفسه كأنه قد ذهب نصفه، ذكره الفراء.
قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ أي حين مَنّ عليكم بالنعم التي فيها هذه المرافق.
[سورة النحل (١٦) : آية ٨]
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (٨)
قوله تعالى: وَالْخَيْلَ أي: وخلق الخيل وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً قال الزجاج:
المعنى: وخلقها زينة.
فصل: ويجوز أكل لحم الخيل، وإِنما لم يُذكَر في الآية، لأنه ليس هو المقصود، وإِنما معظم المقصود بها الركوب والزينة، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: لا تؤكل لحوم الخيل.
قوله تعالى: وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ذكر قوم من المفسرين: أن المراد به عجائب المخلوقات في السّماوات والأرض التي لم يُطَّلع عليها، مثل ما يروى: أن لله ملكاً من صفته كذا، وتحت العرش نهر من صفته كذا. وقال قوم: هو ما أعد الله لأهل الجنة فيها ولأهل النار. وقال أبو سليمان الدمشقي: في الناس مَن كره تفسير هذا الحرف. وقال الشعبي: هذا الحرف من أسرار القرآن.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٩ الى ١٢]
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)

صحيح، هو قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري ٥١٨٩ ومسلم ٢٤٤٨، وأبو يعلى ٤٧٠١ والترمذي في «الشمائل» ٢٥١ وابن حبان ٧١٠٥ من حديث عائشة.

صفحة رقم 551

قوله تعالى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ القصد: استقامة الطريق، يقال: طريق قصد وقاصد: إِذا قصد بك ما تريد. قال الزجاج: المعنى: وعلى الله تبيين الطريق المستقيم، والدعاء إِليه بالحجج والبرهان. قوله تعالى: وَمِنْها جائِرٌ قال أبو عبيدة: السبيل لفظه لفظ الواحد، وهو في موضع الجميع، فكأنه قال: ومن السبل سبيل جائر. قال ابن الأنباري: لما ذكر السبيل، دلّ على السبل، فلذلك قال: وَمِنْها جائِرٌ، كما دل الحَدَثان على الحوادث في قول العبدي:

وَلاَ يَبْقَى عَلَى الحَدَثَانِ حَيّ فَهَلْ يَبْقَى عليهِنَّ السِّلامُ
أراد: فهل يبقى على الحوادث، والسِّلام: الصخور، قال: ويجوز أن يكون إِنما قال: (ومنها) لأن السبيل تؤنث وتذكَّر، فالمعنى: من السبيل جائر. وقال ابن قتيبة: المعنى: ومن الطُّرق جائر لا يهتدون فيه، والجائر: العادل عن القصد، قال ابن عباس: وَمِنْها جائِرٌ الأهواء المختلفة. وقال ابن المبارك: الأهواء والبدع.
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً يعني: المطر لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وهو ما تشربونه، وَمِنْهُ شَجَرٌ ذكر ابن الأنباري في معناه قولين: أحدهما: ومنه سَقي شجر، وشرب شجر، فخلف المضافُ إِليه المضافَ، كقوله: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ «١». والثاني: أن المعنى: ومن جهة الماء شجر، ومن سقيه شجر، ومن ناحيته شجر، فحُذف الأول، وخلَفه الثاني، قال زهير:
لِمَنِ الدِّيارُ بقنة الحجر أقوين من حجج ومن شهر «٢»
أي: من ممرِّ حجج. قال ابن قتيبة: والمراد بهذه الشجر: المرعى. وقال الزجاج: كل ما نبت على الأرض فهو شجر، قال الشاعر يصف الخيل:
يَعْلِفُهَا الَّلحْمَ إِذا عَزَّ الشَّجَرْ وَالخَيْلُ في إِطعَامها الَّلحْمَ ضَرَرْ
يعني: أنهم يسقون الخيل اللبن إِذا أجدبت الأرض. وتُسِيمُونَ بمعنى: تَرعَون، يقال:
سامت الإِبل فهي سائمة: إِذا رعت، وإِنما أخذ ذلك من السُّومة، وهي: العلامة، وتأويلها: أنها تؤثر في الأرض برعيها علامات.
قوله تعالى: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وروى أبو بكر عن عاصم: «ننبت» بالنون. قال ابن عباس:
يريد الحبوب، وما بعد هذا ظاهر إِلى قوله تعالى: وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ قال الأخفش: المعنى:
وجعلَ النجوم مسخراتٍ، فجاز إِضمار فعل غير الأول، لأن هذا المضمر في المعنى مثل المُظَهر، وقد تفعل العرب أَشدَّ من هذا، قال الراجز:
تَسْمَعُ في أجوافِهِنَّ صَرَدَا وفي اليَديْنِ جُسْأَةً وَبَدَدَا «٣»
المعنى: وترى في اليدين. والجُسأة: اليبس. والبَدَد: السَّعة. وقال غيره: قوله تعالى:
مُسَخَّراتٌ حال مؤكدة، لأن تسخيرها قد عرف بقوله تعالى: وَسَخَّرَ. وقرأ ابن عامر: «والشمس
(١) سورة البقرة: ٩٣.
(٢) في «القاموس»
: قنة الحجر: موضع قرب حومانة الدّرّاج.
(٣) في «اللسان» الصّرد: البرد، وقيل: شدّته. والجسأة: من جسأ فهو جاسئ: صلب وخشن. [.....]

صفحة رقم 552
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية