آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨ

الصلب إنما يحسن من أجل العجز والوسط والتمطي من أجل الصلب والكلكل لمجموع ذلك استعارة مبنية على استعارة أخرى». هذا ما قاله الرجلان بصدد الاستعارة المبنية على استعارة أخرى وقد غفل ابن سنان على سموه في البلاغة عن آية القرآن وإلا ما كان أساغ لنفسه أن يذم هذه الاستعارة.
وروي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمام اللغة والأدب: هل يذاق اللباس؟ فقال له ابن الأعرابي: لا بأس أيها النسناس هب أن محمدا ما كان نبيا أما كان عربيا؟ كأنه طعن في الآية بأن المناسب أن يقال فكساها الله لباس الجوع أو فأذاقها الله طعم الجوع فرد عليه ابن الأعرابي، وقد أجاب علماء البلاغة أن هذا من تجريد الاستعارة وذلك انه استعار اللباس لما خشي الإنسان من بعض الحوادث كالجوع والخوف لاشتماله عليه اشتمال الثوب على اللابس ثم ذكر الوصف ملائما للمستعار له وهو الجوع والخوف لأن اطلاق الذوق على إدراك الجوع والخوف جرى عندهم مجرى الحقيقة فيقولون ذاق فلان البؤس والضر وأذاقه غيره فكانت الاستعارة مجردة ولو قال فكساها كانت مرشحة، قيل وترشيح الاستعارة وان كان مستحسنا من جهة المبالغة إلا أن للتجريد ترجيحا من حيث أنه روعي جانب المستعار له فازداد الكلام وضوحا.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ١١٤ الى ١١٧]
فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧)

صفحة رقم 378

الإعراب:
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً) الفاء الفصيحة أي إذا استبان لكم حال من كفر وما آل إليه أمرهم فانتهوا عما أنتم عليه وأقلعوا عن كفران النعم وكلوا واشربوا ومما متعلقان بكلوا وجملة رزقكم صلة وحلالا حال ولك أن تجعله مفعولا به لكلوا وطيبا صفة.
(وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) واشكروا نعمة الله فعل أمر وفاعل ومفعول به وإن شرطية وكنتم فعل الشرط وكان واسمها وإياه مفعول مقدم لتعبدون وجملة تعبدون خبر كنتم. (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) إنما كافة ومكفوفة وحرم فعل وفاعل مستتر وعليكم جار ومجرور متعلقان بحرم والميتة مفعول به والدم والخنزير عطف على الميتة وما عطف أيضا وجملة أهل صلة ولغير الله حال وبه متعلقان بأهل وقد تقدمت هذه الآية.
(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الفاء تفريعية ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ واضطر فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم فعل الشرط ونائب الفاعل مستتر يعود على من وغير باغ حال ولا عاد عطف على باغ والفاء رابطة وان واسمها وغفور خبرها الأول ورحيم خبرها الثاني والجملة في محل جزم جواب الشرط.
(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)

صفحة رقم 379

لا ناهية وتقولوا مضارع مجزوم بلا والواو فاعل ولما تصف اللام حرف جر وما مصدرية وهي مع مدخولها في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بتقولوا وألسنتكم فاعل تصف والكذب مفعول تصف وجملة هذا حلال مقول القول فيكون المعنى ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب أي لتعودها عليه وجريانها به أي لا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم وهو قول مدفوع لا تقوم به حجة وهذا حرام عطف على هذا حلال ولتفتروا بدل من قوله لما تصف، وعلى الله متعلقان بتفتروا والكذب مفعول به لتفتروا ويجوز أن ينتصب الكذب مفعولا لتقولوا ولكون جملة هذا حلال بدل منه وعندئذ تكون ما موصولة أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم فتقولوا هذا حرام وهذا حلال وكلا الاعرابين صحيح وسائغ وأورد ابن هشام في المغني هذه الآية وعبارته: قيل في ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب وفي كما أرسلنا فيكم رسولا منكم، أن الكذب بدل من مفعول تصف المحذوف أي لما تصفه وكذلك في رسولا بناء على أن «ما» في «كما» موصول اسمي ويرده أن فيه إطلاق ما على الواحد من أولي العلم والظاهر أن ما كافة وأظهر منه أنها مصدرية لإبقاء الكاف حينئذ على عمل الجر وقيل في الكذب إنه مفعول لتقولوا والجملتان بعده بدل منه أي لا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل أو الحرمة وإما لمحذوف أي فتقولون الكذب وإما لنصف على أن ما مصدرية والجملتان محكيتا القول أي لا تحللوا وتحرموا لمجرد قول تنطق به ألسنتكم. وسيأتي معنى وصف الألسنة بالكذب في باب البلاغة. (إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) ان واسمها وجملة يفترون صلة وعلى الله متعلقان بيفترون والكذب مفعول يفترون وجملة لا يفلحون خبر ان. (مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ

صفحة رقم 380
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية