
﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ﴾ غيرَ ما نُقلَ عنهم من المقالة الشنعاء ﴿إِنَّمَا يُعَلّمُهُ﴾ أي القرآنَ ﴿بُشّرَ﴾ على طريق البتّ مع ظهور أنه نزّله روحُ القدس عليه الصلاة والسلام وتحليةُ الجملةِ بفنون التأكيدِ لتحقيق ما تتضمنه من الوعيد وصيغةُ الاستقبال لإفادة استمرارِ العلم بحسب الاستمرارِ التجدّدي في متعلَّقه فإنهم مستمرون على تفوهِ تلكَ العظيمةِ يعنون بذلك جبر الروميَّ غلامَ عامر بنِ الحضرمي وقيل جبرا ويسيرا كانا يصنعانِ السيفَ بمكَّةَ ويقرآن التوراة والإنجيل وكان الرسول ﷺ يمرّ عليهما ويسمع ما يقرآنه قيل عابساً غلامَ حويطِب بنِ عيد العزي قد أسلم وكان صاحبَ كتب وقيل سلمانَ الفارسي وإنما لم يصرَّح باسم من زعموا أنه يعلمه مع كونه أدخلَ في ظهور كذبِهم للإيذان بأن مدار خطابهم ليس بنسبته عليه السلام إلى التعلم من شخص معينٍ بل من البشر كائناً مَنْ كان مع كونه عليه
صفحة رقم 141
النحل ١٠٤ ١٠٦ السلام معدِناً لعلوم الأولين والآخرين ﴿لّسَانُ الذى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِىٌّ﴾ الإلحادُ الإمالةُ مِنْ ألحد القبرَ إذا أمال حفرَه عن الاستقامة فحفر في شق منه ثم استُعير لكل إمالةٍ عن الاستقامة فقالوا ألحد فلانٌ في قوله وألحد في دينه أي لغةُ الرجلِ الذي يُميلون إليه القول عن الاستقامة أعجميةٌ غير بينة وقرئ بفتح الياء والحاء وبتعريف اللسان ﴿وهذا﴾ أي القرآنُ الكريم ﴿لِسَانٌ عَرَبِىٌّ مُّبِينٌ﴾ ذوبيان وفصاحة والجملتان متسأنفتان لإبطال طعنهم وتقريرُه أن القرآن معجزٌ بنظمه كما أنه معجزٌ بمعناه فإن زعمتم أن بشراً يعلّمه معناه فكيف يعلّمه هذا النظمَ الذي أعجز جميعَ أهل الدنيا والتشبثُ في أثناء الطعن بأذيال أمثالِ هذه الخرافاتِ الركيكة دليلٌ كمال عجزهم
صفحة رقم 142