آيات من القرآن الكريم

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

(هو الذي أنزل من) جهة (السماء) وهي السحاب (ماءً) أي نوعاً من أنواع الماء وهو المطر (لكم منه شراب) هو اسم لما يشرب كالطعام لما يطعم، والمعنى أن الماء النازل من السماء قسمان، قسم يشربه الناس ومن جملته ماء الآبار والعيون فإنه من المطر لقوله فسلكه ينابيع في الأرض (و) قسم يحصل (منه شجر) ترعاه المواشي.
قال الزجاج: كل ما نبت من الأرض فهو شجر لأن التركيب يدل على الاختلاط، ومنه تشاجر القوم إذا اختلط أصوات بعضهم بالبعض، ومعنى الاختلاط حاصل في العشب والكلأ وفيما له ساق. وقال ابن قتيبة: المراد من الشجر في الآية الكلأ، وقيل الشجر كل ما له ساق لقوله تعالى (والنجم والشجر يسجدان) والعطف يقتضي التغاير، فلما كان النجم ما لا ساق له وجب أن يكون الشجر ما له ساق، وأجيب بأن عطف الجنس على النوع جائز.
(فيه تسيمون) أي في الشجر ترعون مواشيكم، يقال سامت السائمة تسوم سوماً رعت فهي سائمة، واسمتها أي أخرجتها إلى الرعي فأنا مسيم وهي مسامة وسائمة، وأصل السوم الإبعاد في المرعى، قال الزجاج: أخذ من السومة وهي العلامة لأنها تؤثر في الأرض علامات برعيها.
وهذه الآية مبنية على مكارم الأخلاق، وهو أن يكون اهتمام الإنسان بمن يكون تحت يده أكمل من اهتمامه بنفسه. وأما الآية الأخرى (كلوا وارعَوا أنعامكم) فمبنية على قوله ﷺ " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول "

صفحة رقم 215
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية