
٤٦ - قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوهَا﴾ أي: يقال لهم ادخلوها بسلام، أي بسلامة، قال ابن عباس: سلموا من سخط الله وأَمِنُوا عذاب جهنم والموت (١).
٤٧ - قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا في صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ يُروى أن المؤمنين يُحبَسون على باب الجنة فيقتص لبعضهم، ثم يؤمر بهم إلى الجنة وقد نُقُّوا وهُذِّبوا (٢)، فخلصت نياتُهُم من الأحقاد، وهذا مما سبق تفسيره في سورة الأعراف (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِخْوَانًا﴾ قال الزجاج: منصوب على الحال (٤)، والكلام في الإخوان ذكرناه في قوله: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: ١٠٣]
وقوله تعالى: ﴿عَلَى سُرُرٍ﴾، السَّريرُ معروف، والعدد أسِرة، والجميع السُّرُر (٥)، قال أبو عبيدهَ: يقال سُرُر وسَرر بفتح الراء، وكل فعيل من المضاعف فإن جمعه فُعُل وفُعَل؛ نحو: سُرُر وجُرُر، وسُرَر وجُرَر (٦)، قال
(٢) يشير إلى الحديث الصحيح الوارد في ذلك؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا خلص المؤمنون من النار حُبِسوا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصُّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا أُذن لهم بدخول الجنة" أخرجه البخاري (٢٤٤٠) كتاب: المظالم، باب: قصاص المظالم، والطبري ١٤/ ٣٧.
(٣) آية [٤٣]، وانظر: "البسيط" تح الفايز ٢/ ٦٦٥.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٨٠ بنصه.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة" (سر) ٢/ ١٦٧١ بنصه، وانظر: (سر) في "المحيط في اللغة" ٨/ ٢٤٠، "مجمل اللغة" ١/ ٤٥٨، "الصحاح" ٢/ ٦٨٢.
(٦) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥١ بتصرف.

المفضل: بعض تميم وكلب (١) يفتحون؛ لأنهم يستثقلون ضمتين متواليتين في حرفين من جنس واحد، وقال بعض أهل المعاني: السرير مجلسُ سُرُوُر، قال الليث: وسَريرُ العيش: مستقرُّه الذي اطمأنَّ عليه خَفْضُه ودَعَتُه (٢)، وأنشد:
وفارَقَ منها عِيشَةً غَيْدَقِيّةً | ولمْ يَخْشَ يومًا أنْ يَزُولَ سِريرُها (٣) |
(٢) "تهذيب اللغة" (سر) ٢/ ١٦٧١ بنصه، وانظر: "المحيط في اللغة" (سر) ٨/ ٢٤٠، (الخَفْضُ): نقيضُ الرَّفع، وعيشٌ خَفْضٌ: أي في دَعَةٍ وخِصْبٍ. انظر: "المحيط في اللغة" (خفض) ٤/ ٢٣٧.
(٣) ورد غير منسوب في: "تهذيب اللغة" (سر) ٢/ ١٦٧١، "اللسان" (سر) ٤/ ١٩٩١، "التاج" (سرر) ٦/ ٥١٥، وورد برواية: (دَغْفَلِيَّةً) بدل (غيدقية) في: "الصحاح" ٢/ ٦٨٢، "مجمل اللغة" ٣/ ٦٩٢، (غيدقية)؛ يقال: ماءٌ غدق، ومطرٌ مغدودِق: كثير، والغيدقُ: الناعم، (دغفليَّة)؛ الدغْفَلُ: الزَّمان الخَصِبُ، وريشٌ دغفلٌ: كثيرٌ، فالمعنى واحد بالروايتن. انظر: "المحيط في اللغة" (غدف) ٤/ ٥٢٨، (دغفل) ٥/ ١٦٩.
(٤) الجابية: قرية من أعمال دمشق وبينها وبين حلب ستة فراسخ، وبالقرب منها تلٌّ يسمى الجاببة، وفي هذا الموضع خطب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خطبته المشهورة وهو في طريقه إلى إيليا. انظر: "معجم البدان" ٢/ ٩١، "الروض المعطار" ص ١٥٣.

عدن إلى أيْلَة (١) (٢).
وقوله تعالى: ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾ التقابل: التواجه، وهو نقيض التدابر، قال ابن عباس: لا يرى (٣) بعضهم قفا بعض (٤)، حيث ما التفت رأى وجهًا يُحبُّه (٥) يقابله، وقال مجاهد: لا يرى الرجل من أهل الجنة قفا زوجته ولا زوجته قفاه (٦)؛ لأن الأسرة تدور بهم كيفما شاؤا حتى يكونوا في جميع أحوالهم متقابلين.
انظر: "معجم ما استعجم" ١/ ٢١٦، "معجم البلدان" ١/ ٢٩٢، "أطلس العالم" ص ٢٩.
(٢) "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٩٣، "تفسير القرطبي" ١٠/ ٣٣، الخازن ٣/ ٩٧، الألوسي ١٤/ ٥٩.
(٣) في (ش)، (ع): (ألا يرى)، بزيادة الألف.
(٤) أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٨٩ وعزاه إلى ابن المنذر وابن مردويه، وانظر: "تفسير الشوكاني" ٣/ ١٩٥.
(٥) في (ج): (يحييه).
(٦) ليس في تفسيره، وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٧/ ٦٧ قال: لا ينظر بعضهم في قفا بعض، والطبري ١٤/ ٣٨، بنحوه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٢٨ بنحوه، وانظر: "تفسير أبي حيان" ٥/ ٤٥٧، وابن كثير ٢/ ٦٠٨، وأورده المسيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ١٨٩ وزاد نسبته إلى هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم.