آيات من القرآن الكريم

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ ۚ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

انتهى يقول الفقير قد تقرر ان القرآن يفسر بعضه بعضا فقوله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ينادى بأعلى صوته على ان المراد بالآيات غير التوراة وبالقوم القبط وهم فرعون واتباعه وان الآية محمولة على أول الدعوة ولما كان رسولنا ﷺ مبعوثا الى الكافة قال الله تعالى فى حقه لِتُخْرِجَ النَّاسَ ولم يقل لتخرج قومك كما خصص وقال هنالك بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وطواه هنا لان الإخراج بالفعل قد تحقق فى دعوته عليه السلام فكان أمته امة دعوة واجابة ولم يتحقق فى دعوة موسى إذ لم يجبه القبط الى ان هلكوا وان اجابه بنوا إسرائيل والعمدة فى رسالته كان القبط ومن شأن الرسول تقديم الانذار حين الدعوة كما قال نوح عليه السلام فى أول الأمر إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ولذا وجب حمل قوله تعالى وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ على التذكير بالوقائع التي وقعت على الأمم الماضية قبل قوم نوح وعاد وثمود. والمعنى وعظهم وانذرهم مما كان فى ايام الله من الوقائع ليحذروا فيؤمنوا كما يقال رهبوت خير من رحموت اى لان ترهب خير من ان ترحم وايام العرب ملاحمها وحروبها كيوم حنين ويوم بدر وغيرهما وقال بعضهم ذكرهم نعمائى ليؤمنوا بي كما روى ان الله تعالى اوحى الى موسى ان حببنى الى عبادى فقال يا رب كيف أحببك الى عبادك والقلوب بيدك فاوحى الله تعالى ان ذكرهم نعمائى ومن هنا وجب الكلام عند الكلام بما يرجح رجاءه فيقال له لا تحزن فقد وفقك الله للحج او للغزو او لطلب العلم او نحو ذلك من وجوه الخير ولو لم يرد بك خيرا لما فعله فى حقك فهذا تذكير أي تذكير وايام الله فى الحقيقة هى التي كان الله ولم يكن معه شىء من ايام الدنيا ولا من ايام الآخرة فعلى السالك ان يتفكر ثم يتذكر كونه فى مكنون علم الله تعالى ويخرج من الوجود المجازى المقيد باليوم والليل ويصل الى الوجود الحقيقي الذي لا يوم عنده ولاليل إِنَّ فِي ذلِكَ اشارة الى ايام الله لَآياتٍ عظيمة او كثيرة دالة على وحدانية الله وقدرته وعلمه وحكمته لِكُلِّ صَبَّارٍ مبالغ فى الصبر على طاعة الله وعلى البلايا شَكُورٍ مبالغ فى الشكر على النعم والعطايا كأنه قال لكل مؤمن كامل إذ الايمان نصفيان نصفه صبر ونصفه شكر وتخصيص الآيات بهم لانهم المنتفعون بها لا لانها خافية عن غيرهم فان التبيين حاصل بالنسبة الى الكل

وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته آخر هر كريه آخر خنده ايست
فالمنذرون المذكرون بالكسر صبروا على الأذى والبلاء فظفروا والعاقبة للمتقين والمنذرون المذكرون بالفتح تمادوا فى الغى والضلال فهلكوا ألا بعدا للقوم الظالمين: وفى المثنوى
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد چون شنيد انجام فرعونان وعاد
ور نه بنهد ديكران از حال او عبرتى كيرند از إضلال او
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اى اذكر للناس يا أفضل المخلوق وقت قول موسى لقومه وهم بنوا إسرائيل والمراد بتذكير الأوقات تذكير ما وقع فيها من الحوادث المفصلة إذ هي محيطة بذلك فاذا ذكرت ذكر ما فيها كأنه مشاهد معاين اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى انعامه عليكم وقت انجائه إياكم من فرعون واتباعه واهل دينه وهم القبط يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ استئناف لبيان انجائهم او حال من آل فرعون قال

صفحة رقم 398

والايمان فعوقب بالحرمان ونعوذ بالله من الخذلان اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين والمطيعين الصابرين القانعين انك أنت المعين فى كل حين آمين وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا نعمه تعالى ولم تشكروها أَنْتُمْ يا بنى إسرائيل وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الثقلين جَمِيعاً حال من المعطوف والمعطوف عليه فَإِنَّ اللَّهَ تعليل للجواب المحذوف اى ان تكفروا لم يرجع وباله الا عليكم فان الله لَغَنِيٌّ عن شكركم وشكر غيركم حَمِيدٌ محمود فى ذاته وصفاته وأفعاله لا تفاوت له بايمان أحد ولا كفره قال الكاشفى [ذرات مخلوقات بنعمت او ناطق والسنه جميع اشيا بتسبيح وحمد او جارى]

بذكرش جمله ذرات كويا همه او را ز روى شوق جويا
قال السعدي قدس سره
بذكرش هر چهـ بينى در خروشست دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بر گلش تسبيح خوانيست كه هر خارى بتوحيدش زبانيست
أَلَمْ يَأْتِكُمْ من كلام موسى استفهم عن انتفاء الإتيان على سبيل الإنكار فافاد اثبات الإتيان وإيجابه فكأنه قيل أتاكم نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ اى اخبارهم قَوْمِ نُوحٍ اغرقوا بالطوفان حيث كفروا ولم يشكروا نعم الله وقوم نوح بدل من الموصول وَعادٍ اهلكوا بالريح معطوف على قوم نوح وَثَمُودَ اهلكوا بالصيحة وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ من بعد هؤلاء المذكورين من قوم ابراهيم واصحاب مدين والمؤتفكات وغير ذلك وهو عطف على قوم نوح وما عطف عليه لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ اعتراض اى لا يعلم عدد تلك الأمم لكثرتهم ولا يحيط بذواتهم وصفاتهم واسمائهم وسائر ما يتعلق بهم الا الله تعالى فانه انقطعت اخبارهم وعفت آثارهم وكان مالك بن انس يكره ان ينسب الإنسان نفسه أبا أبا الى آدم وكذا فى حق النبي عليه السلام لان أولئك الآباء لا يعلم أحد الا الله وكان ابن مسعود رضى الله عنه إذا قرأ هذه الآية قال كذب النسابون يعنى انهم يدعون علم الأنساب وقد نفى الله علمها عن العباد وقال فى التبيان النسابون وان نسبوا الى آدم فلا يدعون إحصاء جميع الأمم انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا اى قرنا لا يعرفون وقيل أربعون وقيل سبعة وثلانون وفى النهر لابى حيان ان ابراهيم عليه السلام هو الجد الحادي والثلاثون لنبينا عليه السلام قال فى انسان العيون كان عدنان فى زمن موسى عليه السلام وهو النسب المجمع عليه لنبينا عليه السلام وفيما قبله الى آدم اختلاف سبب الاختلاف فيما بين عدنان وآدم ان قدماء العرب لم يكونو اصحاب كتب يرجعون إليها وانما كانوا يرجعون الى حفظ بعضهم من بعض والجمهور على ان العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضر موت والعدنية شعبان ربيعة ومضر واما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم ينسبونها الى قحطان وبعضهم الى عدنان. ثم ان الشيخ عليا السمرقندي رحمه الله قال فى تفسيره الموسوم ببحر العلوم لقائل ان يقول يشكل بالآية قول النبي ﷺ (ان الله تعالى قد رفع الى الدنيا فانا انظر إليها والى ما هو كائن فيها الى يوم القيامة كما انظر الى كفى هذه) جليا جلاها الله لنبيه كما جلاها للنبيين قبل لدلالته صريحا على ان جميع الكوائن الى يوم القيامة

صفحة رقم 401
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية