آيات من القرآن الكريم

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ۛ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ۛ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ ۚ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

واذكروا إذ تأذن ربكم يا بنى إسرائيل وأذن لكم إذنا لا شك فيه ولا غموض لئن شكرتم لأزيدنكم من النعم إذ الشكر من دواعي الزيادة واستمرار النعم، ولئن كفرتم وجحدتم ولم تقوموا بالواجب عليكم إن عذابي بحرمانكم منها لشديد، ففي
الحديث «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه»
بهذا يعلم أن فائدة الشكر تعود على الشاكر فقط لا على غيره، فمن شكر أعطى ومن كفر حرم.
وقال موسى: إن تكفروا نعمة الله عليكم وتجحدوا فضلها أنتم ومن في الأرض جميعا لم تضروا بذلك أحدا، ولم تنقصوا في ملك الله شيئا بل أضررتم أنفسكم إذ حرمتموها من المزيد من النعم، وعرضتموها للعذاب الشديد، وإن الله لغنى عن شكركم غير محتاج لعملكم، فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن ٦] نعم. الله مستغن عن حمدكم وشكركم، مستوجب للحمد لكثرة نعمه وأياديه وإن لم يحمده الحامدون.
بعض أنباء الأمم السابقة [سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٩ الى ١٢]
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩) قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٠) قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)

صفحة رقم 248

المفردات:
مُرِيبٍ الريب: اضطراب النفس وقلقها فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مبدعهما على أكمل نظام بِسُلْطانٍ مُبِينٍ بحجة قوية ظاهرة.
المعنى:
يقول الله- تبارك وتعالى- ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم؟ ألم تعلموا أخبارهم وتقفوا على أحوالهم المهمة كأخبار قوم نوح. وعاد. وثمود. وأمم جاءت بعدهم لا يعلمهم إلا الله- سبحانه وتعالى- وصدق الله وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
هؤلاء جاءتهم رسلهم بالآيات البينات والحجج الواضحات التي تثبت صدقهم، وتؤيد دعواهم الرسالة عن الله: فما كان من القوم إلا أنهم ردوا أيديهم في أفواههم غيظا وحنقا، وعضوا أيديهم أسفا وألما عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ [سورة آل عمران آية ١١٩] والمراد أنهم كذبوا واستهزءوا.
وللعلماء في تفسير هذه الجملة [ردوا أيديهم في أفواههم] آراء كثيرة كلها تدور حول الإنكار والتكذيب والسخرية بالرسل.
وقالوا: إنا كفرنا بما أرسلتم به من الآيات البينات على زعمكم، وإنا لفي شك عظيم مما تدعوننا إليه من الإيمان بالله وحده وترك ما سواه، وقد قيل: كيف صرحوا

صفحة رقم 249

بالكفر ثم بنو أمرهم على الشك؟ ويمكن أن يقال: إنهم أرادوا إنا كافرون في الواقع بما تدعوننا إليه وإن نزلنا عن هذا المقام جدلا فلا أقل من أن نشك شكا يجعلنا في ريب وقلق نفسي من رسالتكم، فلا أمل أبدا في تصديقكم ماذا قالت الرسل؟
قالت لهم رسلهم: أفي الله شك؟!! أفي وحدانيته شك أم في وجوده شك؟!! وكل الدلائل والشواهد تدل على وجوده- سبحانه- وعلى تفرده بالألوهية والعبادة وكيف تشكون في الله فاطر السموات والأرض؟ إذ الذي خلقهما على هذا النظام البديع المحكم، وخلق كل ما فيهما من عوالم لا يحصيها إلا هو ينبغي ألا يشك في وحدانيته ووجوده، وهو الذي يدعوكم إلى الإيمان الكامل ليغفر لكم بعض ذنوبكم وهذا الدعاء منه وحده دليل على تفرده بالألوهية، وهو الذي إن استجبتم إليه وآمنتم به واستقمتم على صراطه يؤخركم إلى أجل مسمى عنده بلا عذاب في الدنيا حتى الموت.
وهل سكت الكفار وأسلموا لله أم اعترضوا على ذلك؟
قالوا: ما هذا؟ كيف نؤمن بكم وننقاد لكم؟ وما أنتم إلا بشر مثلنا تأكلون مما نأكل وتشربون مما نشرب، ولا نرى لكم علينا من فضل حتى نجعلكم قادة وحكاما وأئمة وأنبياء.
وأنتم تريدون أن تصدونا عن عبادة ورثناها عن آبائنا من قبل؟ وآباؤنا أبعد نظرا، وأحسن قولا، أفنتركهم ونتبعكم؟! على أننا لا يمكن أن تترك ما ألفناه إلا بحجة وبرهان وقوة وسلطان، أما ذكر السموات والأرض وعجائبهما فهذا ليس دليلا على صحة ما أتيتم به.
أما رد الأنبياء على شبههم الثلاثة، أنتم بشر، تدعوننا إلى ترك عبادة الآباء، وهاتوا حجة ودليلا على ما تقولون.
فقالت لهم رسلهم: ما نحن إلا بشر مثلكم نأكل ونشرب، ونمشي في الأسواق ونبحث عن الأرزاق، ونأتى النساء إلخ. ولكن هذا لا يمنع أن الله يمن على من يشاء من عباده بالنبوة والرسالة اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [سورة الأنعام آية ١٢٤] وقد منّ الله علينا بالرسالة ولا حرج على فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده.
أما طلبكم الحجة والبرهان بعد أن قدمنا لكم من المعجزات فأمره إلى الله ولا دخل

صفحة رقم 250
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية