العذاب قومهم المعاندون فالخيبة بمعنى مطلق الحرمان دون الحرمان من المطلوب وان كان الاستفتاح من الكفرة فهى بمعنى الحرمان من المطلوب غب الطلب وهو أوقع حيث لم يحصل ما توقعوه لانفسهم الا لاعدائهم وهذا كمال الخيبة التي عدم نيل المطلوب وانما قيل وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ذما لهم وتسجيلا عليهم بالتجبر والعناد لا ان بعضهم ليسوا كذلك وانه لم تصبهم الخيبة والجبار الذي يجبر الخلق على مراده والمتكبر عن طاعة الله والمتعظم الذي لا يتواضع لامر الله. والعنيد بمعنى المعاند الذي يأبى ان يقول لا اله الا الله او المجانب للحق المعادى لاهله وقال الكاشفى [نوميد ماند وبي بهره كشت از خلاص هر كردنكشى كه ستيزنده شود با حق يا معرض از طاعت او] قال الامام الدميري فى حياة الحيوان حكى الماوردي فى كتاب ادب الدنيا والدين ان الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوما فى المصحف فخرج قوله تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فمزق المصحف وانشأ يقول
أتوعد كل جبار عنيد... فها انا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر... فقل يا رب مزقنى الوليد
فلم يلبث أياما حتى قتل شرّ قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده انتهى قال فى انسان العيون مروان كان سببا لقتل عثمان رضى الله عنه وعبد الملك ابنه كان سببا لقتل عبد الله بن الزبير رضى الله عنه ووقع من الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأمور الفظيعة انتهى يقول الفقير رأى رسول الله ﷺ بنى امية فى صورة القردة فلعنهم فقال (ويل لبنى امية) ثلاث مرات ولم يجئ منهم الخير والصلاح الا من اقل القليل وانتقلت دولتهم بمعاونة ابى مسلم الخراسانى الى آل العباس وقد رآهم رسول الله ﷺ يتعاورون منبره فسره ذلك وتفصيله فى كتاب السير والتواريخ مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ هذا وصف حال كل جبار عنيد وهو فى الدنيا اى بين يديه وقدامه فانه معد لجهنم واقف على شفيرها فى الدنيا مبعوث إليها فى الآخرة او من وراء حياته وهو ما يعد الموت فيكون ورلء بمعنى خلف كما قال الكاشفى [از پس او دور خست يعنى در روز حشر رجوع او بدان خواهد بود] وحقيقته ما توارى عنك واحتجب واستتر فليس من الاضداد بل هو موضع لامر عام يصدق على كل من الضدين وقال المطرزي فى الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وابى على الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى خلف وقدام وقد يستعار للزمان وَيُسْقى عطف على مقدر جوابا عن سؤال سائل كأنه قيل فماذا يكون اذن فقيل يلقى فيها ويسقى مِنْ ماءٍ مخصوص لا كالمياه المعهودة صَدِيدٍ هو القبح المختلط بالدم او ما يسيل من أجساد اهل النار وفروج الزناة وهو عطف بيان لماء أبهم اولا ثم بين بالصديد تعظيما وتهويلا لامره وتخصيصه بالذكر من بين عذابها يدل على انه من أشد أنواعه او صفة عند من لا يجيز عطف البيان فى النكرات وهم البصريون فاطلاق الماء عليه لكونه بدله فى جهنم ويجوز ان يكون الكلام من قبيل زيد أسد فالماء على حقيقته كما قال ابو الليث ويقال ماء كهيئة الصديد وفى الحديث (من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعث من قبره سكران وامر به الى النار سكران فيها عين
يعدمكم بالكلية ايها الناس وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ اى يخلق بدلكم خلقا آخر من جنسكم آدميين او من غيره خيرا منكم وأطوع لله وفى التأويلات النجمية إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ايها الناس المستعد لقبول فيض اللطف والقهر وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ مستعد لقبول فيض لطفه وقهره من غير الإنسان انتهى رتب قدرته على ذلك على خلق السماوات والأرض على هذا النمط البديع إرشادا الى طريق الاستدلال فان من قدر على خلق مثل هاتيك الاجرام العظيمة كان على تبديل خلق آخر بهم اقدر ولذلك قال وَما ذلِكَ اى اذهابكم والإتيان بخلق جديد مكانكم عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ بمتعذر او متعسر بل هو هين عليه يسير فانه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون
| كار اگر مشكل اگر آسانست | همه در قدرت او يكسانست |
| با غير او اضافت شاهى بود چنانك | بر يك دو چوب پاره ز شطرنج نام شاه |
ويخرجون عند النفخة الثانية حين تنتهى مدة لبثهم فى بطن الأرض قال الله تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوعه لِلَّهِ اى لامر الله ومحاسبته فاللام تعليلية وصلة برزوا محذوفة اى برزوا من القبور الموتى جَمِيعاً اى جميعهم من المؤمنين والكافرين كما فى تفسير الكاشفى او القادة والاتباع اجتمعوا للحشر والحساب وهذا كقوله وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً كما فى تفسير ابى الليث فَقالَ الضُّعَفاءُ الاتباع والعوام جمع ضعيف والضعف خلاف القوة وقد يكون فى النفس وفى البدن وفى الحال وفى الرأى والمناسب للمقام هو الأخير فانه لو كان فى رأيهم قوة لما اتبعوهم فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم يقول الفقير فى هذه الشرطية نظر لانه ربما يكون الرجل قوة رأى وجودة فكر مع انه لا يستقل
به لكونه ضعيف الحال خائفا من سطوة المتغلبة من اهل الكفر والضلال فالاولى ان يكون الضعيف بمعنى المستذل المقهور كما فى قوله تعالى وَالْمُسْتَضْعَفِينَ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى لرؤسائهم المستكبرين الخارجين عن طاعة الله إِنَّا كُنَّا فى الدنيا لَكُمْ تَبَعاً جمع تابع كخدم جمع خادم وهو المستنّ بآثار من يتبعه اى تابعين فى تكذيب الرسل والاعراض عن نصائحهم مطيعين لكم فيما أمرتمونا به فَهَلْ أَنْتُمْ [پس هيچ هستيد شما] مُغْنُونَ دافعون عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ من الاولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها لكونه نكرة والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول اى بعض الشيء الذي هو عذاب الله والفاء للدلالة على سببية الاتباع للاغناء والمراد التوبيخ والعتاب لانهم كانوا يعلمون انهم لا يغنون عنهم شيأ مما هم فيه قالُوا اى المستكبرون جوابا عن معاتبة الاتباع واعتذارا عما فعلوا بهم يا قوم لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى الايمان ووفقنا له لَهَدَيْناكُمْ ولكن ضللنا فاضللناكم اى اخترنا لكم ما اخترناه لانفسنا وقال الكاشفى [اگر خداى تعالى نمودى طريق نجات را از عذاب هر آيينه ما نيز شما را راه مينموديم بدان اما طرق خلاصى مسدود است وشفاعت ما درين دركاه مردود] وفى التأويلات النجمية قالُوا يعنى اهل البدع للمتقلدة لَوْ هَدانَا اللَّهُ الى طريق اهل السنة والجماعة وهو الطريق الى الله وقربته لَهَدَيْناكُمْ اليه وفيه اشارة الى ان الهداية والضلالة من نتائج لطف الله وقهره ليس الى أحد من ذلك شىء فمن شاء جعله مظهر الصفات لطفه ومن شاء جعله مظهر الصفات قهره: قال الحافظ
| درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى | چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم |