آيات من القرآن الكريم

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ

وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال نجملها والله أعلم بكتابه:
١- قال ابن عباس: يدبر أمر السنة فيمحو ما يشاء إلا الشقاء والسعادة والحياة والموت.
٢- قال مجاهد: مثل هذا.
٣- قال الحسن: يمحو الله من جاء أجله ويثبت من بقي أجله.
٤- قال عكرمة: يمحو الله القمر ويثبت الشمس.
٥- قال الربيع: يقبض الله الأرواح في النوم فيميت من يشاء ويمحوه، ويرجع من يشاء فيثبته.
٦- وقال آخرون: يمحو الله ما يشاء من الشرائع بالنسخ ويثبت ما يشاء بلا نسخ.
٧- وقال بعضهم: يمحو الله المحن والمصائب بالدعاء.
الرسول صلّى الله عليه وسلم مبلغ والله محاسب ومنتقم [سورة الرعد (١٣) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣)

صفحة رقم 240

المفردات:
أَطْرافِها جوانبها مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ المعقب الذي يتعقب الشيء فيبطله بالنقد والتجريح.
المعنى:
يريد الله- سبحانه وتعالى- تحديد موقف الرسول من مطالب الكفار العنادية التي يطلبونها من النبي صلّى الله عليه وسلّم تطمينا لخاطره وتهدئة لنفسه ووعدا بنصره.. وإن نرينك بعض الذي وعدناهم من العذاب في الدنيا أو توفيناك قبل هذا فاعلم أن عليك شيئا واحدا تؤديه كاملا ألا وهو تبليغ كل ما أنزل إليك من ربك- وإن لم تفعل فما بلغت رسالته- ولا يهمنك شيء بعد هذا أبدا فالله معك وحافظك وعاصمك من الناس، وعلى الله وحده حسابهم وجزاؤهم.
أنسوا ولم يروا أن الله- سبحانه وتعالى- يأتى إلى أرض الكفر فينقصها شيئا فشيئا وأن أرض الإسلام تتسع شيئا فشيئا حتى دخل الناس في دين الله أفواجا وسبح المسلمون وكبروا بحمد الله ونعمته.
ولا غرابة في ذلك فالله يحكم لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، بل قوله الفصل وأمره إذا أراد شيئا أن يقول له: كن فيكون، وهو سريع الحساب، وقد كنا نفهم في الآية أنها دليل على فرطحة الأرض وأنها ليست تامة الكروية بل هي منبعجة ناقصة الأطراف، ولكن يظهر أن الآية والله أعلم نص في المعنى الأول.
وقد مكر الذين من قبلهم من كفار الأمم الماضية بأنبيائهم كعاد وثمود وفرعون وإخوان لوط واستنفدوا جهدهم وطاقتهم في إطفاء نور الحق، أو لم يعلموا أن لله وحده المكر جميعا، وقد أبى الله إلا إتمام نوره ولو كره الكافرون.. والله وحده يعلم ما تكسب كل نفس في كل حركة تتحركها، وسيعلم الكفار- يوم لا يغنى عنهم ذلك شيئا- لمن عقبى الدار؟!! وفي هذا سلوى للنبي صلّى الله عليه وسلّم حيث يعلم أن ديدن الناس قديما مع إخوانه الرسل وحديثا معه لم يتغير ولم يتبدل، وفي هذا تقوية لعزمه ببيان أن النصر في النهاية له وأن الدائرة على الكفار.

صفحة رقم 241

روى عن ابن عباس- رضى الله عنه- قال: قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسقف من اليمن فقال له- عليه السلام-: «هل تجدني في الإنجيل رسولا؟» قال: لا.
فأنزل الله- تعالى-: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا
للنّاس تخرجهم من الظّلمات إلى النّور وتهديهم إلى طريق الحقّ والعدل والكرامة وتنقذهم من ضلال الجاهلية وظلم الأوثان إلى نور التوحيد الخالص، وتنقل العالم إلى مجتمع كامل ومدنية فاضلة.
قل لهم يا محمد: حسبي الله شاهدا ومؤيدا لرسالتي، بما أنزله على من القرآن المعجز ومن الآيات البينات التي تدل على صدقى وأنى رسول حقا من عند الله وكفى بالله الذي أنزل القرآن يعلمه شهيدا بيني وبينكم!! ومن عنده علم الكتاب أى: جنس الكتاب المنزل الصادق على التوراة والإنجيل فإن علماء اليهود والنصارى الأحرار الذين آمنوا بالله وصدقوا برسول الله يعلمون حقا أن النبي محمدا صلّى الله عليه وسلّم هو المبشر به عندهم وأنه النبي العربي المبعوث في آخر الزمن وهو خاتم الأنبياء والمرسلين وقد كان هذا في الإنجيل والتوراة شاهد صدق على نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم ولكن يد التحريف والتغيير قد امتدت إليه الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [سورة البقرة آية ١٤٦].

صفحة رقم 242
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية