آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ ۚ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

(والذين آتيناهم الكتاب) أي التوراة والإنجيل (يفرحون بما أنزل إليك) يا محمد وهم أهل الكتابين مطلقاً أو من أسلم منهم لكون ذلك موافقاً لما في كتبهم مصدقاً له.
وعلى الأخير يكون المراد بقوله (ومن الأحزاب من ينكر بعضه) من لم يسلم من اليهود والنصارى، وعلى الأول يكون المراد به المشركين من أهل مكة ومن يماثلهم أو يكون المراد به بعض أهل الكتابين أي من أحزابهما، فإنهم أنكروه لما اشتمل عليه من كونه ناسخاً لشرائعهم فيتوجه فرح من فرح به منهم إلى ما هو موافق لما في الكتابين، وإنكار من أنكر منهم إلى ما خالفهما.
وقيل المراد بالكتاب القرآن والمراد بمن يفرح به المسلمون والمراد

صفحة رقم 65

بالأحزاب المتحزبون على رسول الله ﷺ من المشركين واليهود والنصارى، والمراد بالبعض الذي أنكروه ما خالف ما يعتقدونه على اختلاف اعتقادهم.
واعترض على هذا بأن فرح المسلمين بنزول القرآن معلوم فلا فائدة في ذكره واجيب عنه بأن المراد زيادة الفرح والاستبشار بما يتجدد من الأحكام والتوحيد والنبوة والحشر بعد الموت، وقال كثير من المفسرين إن عبد الله بن سلام والذين آمنوا معه من أهل الكتاب ساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة فأنزل الله (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) ففرحوا بذلك.
قال قتادة: الذين يفرحون أولئك أصحاب محمد ﷺ فرحوا بكتاب الله وصدقوا به وبرسله، والأحزاب اليهود والنصارى والمجوس، وقال ابن زيد: هؤلاء من آمن برسول الله ﷺ من أهل الكتاب يفرحون بذلك ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به.
ثم لما بين ما يحصل بنزول القرآن من الفرح للبعض والإنكار للبعض صرح بما عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره أن يقول لهم ذلك فقال (قل إنما أمرت أن أعبد الله) وحده (ولا أشرك به) بوجه من الوجوه أي قل لهم يا محمد ذلك إلزاماً للحجة ورداً للإنكار إنما أمرت فيما أنزل إليّ بعبادة الله وتوحيده وهذا أمر اتفقت عليه الشرائع وتطابقت على عدم إنكاره جميع الملل المقتدية بالرسل.
(إليه) أي إلى الله لا إلى غيره (أدعو) أو إلى ما أجمرت به وهو عبادة الله وحده والأول أولى لقوله (وإليه مآب) فإن الضمير لله سبحانه أي إليه وحده لا إلى غيره مرجعي يوم القيامة للجزاء، قال قتادة: إليه مصير كل عبد.

صفحة رقم 66

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (٣٨) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)
ثم ذكر بعض فضائل القرآن وأوعد على الإعراض عن اتباعه مع التعريض لرد ما أنكروه من اشتماله على نسخ بعض شرائعهم فقال:

صفحة رقم 67
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية