آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ ۚ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل إِلَيْك﴾ قَالَ: أُولَئِكَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرحوا بِكِتَاب الله وبرسوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَدقُوا بِهِ ﴿وَمن الْأَحْزَاب من يُنكر بعضه﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل إِلَيْك﴾ قَالَ: هَذَا من آمن برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب يفرحون بذلك
وَقَرَأَ (وَمِنْهُم من يُؤمن بِهِ وَمِنْهُم من لَا يُؤمن بِهِ) (سُورَة يُونُس آيَة ٤٠) ﴿وَمن الْأَحْزَاب من يُنكر بعضه﴾ قَالَ: الْأَحْزَاب الْأُمَم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُم من آمن بِهِ وَمِنْهُم من أنكرهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿وَمن الْأَحْزَاب﴾ قَالَ: من أهل الْكتاب ﴿من يُنكر بعضه﴾ قَالَ: بعض الْقُرْآن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿وَإِلَيْهِ مآب﴾ قَالَ: إِلَيْهِ مصير كل عبد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿مَا لَك من الله من ولي وَلَا واق﴾ قَالَ: من أحد يمنعك من عَذَاب الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التبتل وَقَرَأَ قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - ﴿وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية﴾

صفحة رقم 658

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: دخلت على عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَقلت: إِنِّي أُرِيد أَن أتبتل
قَالَت: لَا تفعل أما سَمِعت الله يَقُول ﴿وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي أَيُّوب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع من سنَن الْمُرْسلين: التعطر وَالنِّكَاح والسواك والختان
وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف بِلَفْظ الْخِتَان والسواك والتعطر وَالنِّكَاح من سنتي
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿لكل أجل كتاب﴾ يَقُول: لكل كتاب ينزل من السَّمَاء أجل فَيَمْحُو الله من ذَلِك مَا يَشَاء ﴿وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَت قُرَيْش حِين أنزل ﴿وَمَا كَانَ لرَسُول أَن يَأْتِي بِآيَة إِلَّا بِإِذن الله﴾ مَا نرَاك يَا مُحَمَّد تملك من شَيْء وَلَقَد فرغ من الْأَمر
فأنزلت هَذِه الْآيَة تخويفاً لَهُم ووعيداً لَهُم ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ إِنَّا إِن شِئْنَا أحدثنا لَهُ من أمرنَا مَا شِئْنَا وَيحدث الله تَعَالَى فِي كل رَمَضَان فَيَمْحُو الله مَا يَشَاء ﴿وَيثبت﴾ من أرزاق النَّاس ومصائبهم وَمَا يعطيهم وَمَا يقسم لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: ينزل الله تَعَالَى فِي كل شهر رَمَضَان إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا يدبر أَمر السّنة إِلَى السّنة فِي لَيْلَة الْقدر فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت إِلَّا الشقوة والسعادة والحياة وَالْمَمَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - ﴿يمحو الله مَا يَشَاء﴾ هُوَ الرجل يعْمل الزَّمَان بِطَاعَة الله ثمَّ يعود لمعصية الله تَعَالَى فَيَمُوت على ضلاله فَهُوَ الَّذِي يمحو وَالَّذِي يثبت الرجل الَّذِي يعْمل بِمَعْصِيَة الله تَعَالَى وَقد سبق لَهُ خير حَتَّى يَمُوت وَهُوَ فِي طَاعَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

صفحة رقم 659

وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: من أحد الْكِتَابَيْنِ هما كِتَابَانِ يمحو الله مَا يَشَاء من أَحدهمَا وَيثبت ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ أَي جملَة الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن لله لوحاً مَحْفُوظًا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام من درة بَيْضَاء لَهُ دفتان من ياقوت والدفتان لوحان لله كل يَوْم ثَلَاث وَسِتُّونَ لَحْظَة يمحو مَا يَشَاء ﴿وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تَعَالَى ينزل فِي ثَلَاث سَاعَات يبْقين من اللَّيْل فَينْسَخ الذّكر فِي السَّاعَة الأولى مِنْهَا ينظر فِي الذّكر الَّذِي لَا ينظر فِيهِ أحد غَيره فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت
ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّانِيَة إِلَى جنَّة عدن وَهِي دَاره الَّتِي لم تَرَهَا عين وَلم تخطر على قلب بشر لَا يسكنهَا من بني آدم غير ثَلَاثَة: النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء ثمَّ يَقُول: طُوبَى لمن نزلك
ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّالِثَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا بِرُوحِهِ وَمَلَائِكَته فتنتفض فَيَقُول: قومِي بعزتي ثمَّ يطلع إِلَى عباده فَيَقُول: هَل من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ هَل من دَاع فَأُجِيبَهُ حَتَّى يُصَلِّي الْفجْر وَذَلِكَ قَوْله (إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً) (سُورَة الْإِسْرَاء آيَة ٧٨) يَقُول: يشهده الله وملائكة اللَّيْل وَالنَّهَار
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ إِلَّا الشقوة والسعادة والحياة وَالْمَوْت
وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يمحو من الرزق وَيزِيد فِيهِ ويمحو من الْأَجَل وَيزِيد فِيهِ
فَقيل لَهُ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: أَبُو صَالح عَن جَابر بن عبد الله بن ربَاب الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن

صفحة رقم 660

قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: ذَلِك كل لَيْلَة الْقدر يرفع ويخفض ويرزق غير الْحَيَاة وَالْمَوْت والشقاوة والسعادة فَإِن ذَلِك لَا يَزُول
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ لَهُ لأقرن عَيْنَيْك بتفسيرها ولأقرن عين أمتِي بعدِي بتفسيرها الصَّدَقَة على وَجههَا وبر الْوَالِدين واصطناع الْمَعْرُوف يحول الشَّقَاء سَعَادَة وَيزِيد فِي الْعُمر ويقي مصَارِع السوء
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لَا ينفع الحذر من الْقدر وَلَكِن الله يمحو بِالدُّعَاءِ مَا يَشَاء من الْقدر
وَأخرج ابْن جرير عَن قيس بن عباد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْعَاشِر من رَجَب هُوَ يَوْم يمحو الله فِيهِ مَا يَشَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قيس بن عباد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لله أَمر فِي كل لَيْلَة الْعَاشِر من أشهر الْحرم أما الْعشْر من الْأَضْحَى فَيوم النَّحْر
وَأما الْعشْر من الْمحرم فَيوم عَاشُورَاء
وَأما الْعشْر من رَجَب فَفِيهِ ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: ونسيت مَا قَالَ فِي ذِي الْقعدَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبت عَليّ شقاوة أَو ذَنبا فامحه فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب فاجعله سَعَادَة ومغفرة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا دَعَا عبد قطّ بِهَذِهِ الدَّعْوَات إِلَّا وسع الله لَهُ فِي معيشته يَا ذَا الْمَنّ وَلَا يمن عَلَيْهِ يَا ذَا الْجلَال والإِكرام يَا ذَا الطول لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ظهر اللاجين وجار المستجيرين ومأمن الْخَائِفِينَ إِن كنت كتبتني فِي أم الْكتاب شقياً فامح عني اسْم الشَّقَاء وأثبتني عنْدك سعيداً وَإِن كنت كتبتني عنْدك فِي أم الْكتاب محروماً مقتراً عليّ رِزْقِي فامح حرماني وَيسر رِزْقِي وأثبتني عنْدك سعيداً موفقاً للخير فَإنَّك تَقول فِي كتابك الَّذِي أنزلت ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن السَّائِب بن ملجان من أهل الشَّام - وَكَانَ قد أدْرك الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: لما دخل عمر - رَضِي

صفحة رقم 661

الله عَنهُ - الشَّام حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَوعظ وَذكر وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر ثمَّ قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فِينَا خَطِيبًا كقيامي فِيكُم فَأمر بتقوى الله وصلَة الرَّحِم وَصَلَاح ذَات الْبَين وَقَالَ: عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة وَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد
لَا يخلونّ رجل بِامْرَأَة فَإِن الشَّيْطَان ثالثهما وَمن ساءته سيئته وسرته حسنته فَهُوَ أَمارَة الْمُسلم الْمُؤمن وأمارة الْمُنَافِق الَّذِي لَا تسوءه سيئته وَلَا تسرهُ حسنته إِن عمل خيرا لم يرج من الله فِي ذَلِك ثَوابًا وَإِن عمل شرا لم يخف من الله فِي ذَلِك الشَّرّ عُقُوبَة وأجملوا فِي طلب الدُّنْيَا فَإِن الله قد تكفل بأرزاقكم وكلّ سيتم لَهُ عمله الَّذِي كَانَ عَاملا اسْتَعِينُوا الله على أَعمالكُم فَإِنَّهُ يمحو مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب صلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وَآله وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله السَّلَام عَلَيْكُم
قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: هَذِه خطْبَة عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - على أهل الشَّام أَثَرهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ أَبُو رومي من شَرّ أهل زَمَانه وَكَانَ لَا يدع شَيْئا من الْمَحَارِم إِلَّا ارْتَكَبهُ وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَئِن رَأَيْت أَبَا رومي فِي بعض أَزِقَّة الْمَدِينَة لَأَضرِبَن عُنُقه وَإِن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ ضيف لَهُ فَقَالَ لامْرَأَته: اذهبي إِلَى أبي رومي فَخذي لنا مِنْهُ بدرهم طَعَاما حَتَّى ييسره الله تَعَالَى
فَقَالَت لَهُ: إِنَّك تبعثني إِلَى أبي رومي وَهُوَ من أفسق أهل الْمَدِينَة
فَقَالَ: اذهبي فَلَيْسَ عَلَيْك مِنْهُ بَأْس إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَانْطَلَقت إِلَيْهِ فَضربت عَلَيْهِ الْبَاب فَقَالَ: من هَذَا قَالَت: فُلَانَة
قَالَ: مَا كنت لنا بزوّارة فَفتح لَهَا الْبَاب فَأَخذهَا بِكَلَام رفث ومدّ يَده إِلَيْهَا فَأَخذهَا رعدة شَدِيدَة
فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنك قَالَت: إِن هَذَا عمل مَا عملته قطّ
قَالَ أَبُو رومي: ثكلت أَبَا رومي أمه هَذَا عمل عمله مُنْذُ هُوَ صَغِير لَا تَأْخُذهُ رعدة وَلَا يُبَالِي على أبي رومي عهد الله إِن عَاد لشَيْء من هَذَا أبدا فَلَمَّا أصبح غَدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مرْحَبًا بِأبي رومي وَأخذ يُوسع لَهُ بِالْمَكَانِ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا رومي مَا عملت البارحة فَقَالَ: مَا عَسى أَن أعمل يَا نَبِي الله أَنا شَرّ أهل الأَرْض
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد حول مكتبك إِلَى الْجنَّة
فَقَالَ ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾

صفحة رقم 662

وَأخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أَبُو رومي من شَرّ أهل زَمَانه وَكَانَ لَا يدع شَيْئا من الْمَحَارِم إِلَّا ارْتَكَبهُ فَلَمَّا غَد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بعيد قَالَ: مرْحَبًا بِأبي رومي وَأخذ يُوسع لَهُ الْمَكَان فَقَالَ: يَا أَبَا رومي مَا عملت البارحة قَالَ: مَا عَسى أَن أعمل يَا نَبِي الله أَنا شَرّ أهل الأَرْض فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد حول مكتبك إِلَى الْجنَّة فَقَالَ ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: إِن الله ينزل كل شَيْء يكون فِي السّنة فِي لَيْلَة الْقدر فَيَمْحُو مَا يَشَاء من الْآجَال والأرزاق والمقادير إِلَّا الشَّقَاء والسعادة فَإِنَّهُمَا ثابتان
وَأخرج ابْن جرير عَن مَنْصُور - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا - رَضِي الله عَنهُ - فَقلت: أَرَأَيْت دُعَاء أَحَدنَا يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاء فأثبته فيهم وَإِن كَانَ فِي الأشقياء فامحه مِنْهُم واجعله فِي السُّعَدَاء
فَقَالَ: حسن
ثمَّ لَقيته بعد ذَلِك بحول أَو أَكثر من ذَلِك فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين فِيهَا يفرق كل أم حَكِيم) (سُورَة الدُّخان آيَة ٣ و ٤) قَالَ: يَعْنِي فِي لَيْلَة الْقدر مَا يكون فِي السّنة من رزق أَو مُصِيبَة ثمَّ يقدم مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء
فَأَما كتاب الشَّقَاء والسعادة فَهُوَ ثَابت لَا يُغير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: إِلَّا الْحَيَاة وَالْمَوْت والشقاء والسَّعَادَة فَإِنَّهُمَا لَا يتغيران
وَأخرج ابْن جرير عَن شَقِيق بن أبي وَائِل قَالَ: كَانَ مِمَّا يكثر أَن يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وَإِن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب

صفحة رقم 663

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله - أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبتني فِي السُّعَدَاء فأثبتني فِي السُّعَدَاء وَإِن كنت كتبتني فِي الأشقياء فامحني من الأشقياء وأثبتني فِي السُّعَدَاء فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ لعمر - رَضِي الله عَنهُ - يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَوْلَا آيَة فِي كتاب الله لأنبأتك بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: قَول الله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول: انسخ مَا شِئْت واصنع فِي الْآجَال مَا شِئْت وَإِن شِئْت زِدْت فِيهَا وَإِن شِئْت نقصت ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ قَالَ: جملَة الْكتاب وَعلمه يَعْنِي بذلك مَا ينْسَخ مِنْهُ وَمَا يثبت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: يُبدل الله مَا يَشَاء من الْقُرْآن فينسخه وَيثبت مَا يَشَاء فَلَا يُبدلهُ ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ يَقُول: وَجُمْلَة ذَلِك عِنْده فِي أم الْكتاب النَّاسِخ والمنسوخ وَمَا يُبدل وَمَا يثبت كل ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: هِيَ مثل قَوْله (مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا) (سُورَة الْبَقَرَة آيَة ١٠٦) وَقَوله ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ أَي جملَة الْكتاب وَأَصله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ ﴿يمحو الله مَا يَشَاء﴾ : مِمَّا ينزل على الْأَنْبِيَاء ﴿وَيثبت﴾ مَا يَشَاء مِمَّا ينزل على الْأَنْبِيَاء ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ لَا يُغير وَلَا يُبدل
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - ﴿يمحو الله مَا يَشَاء﴾ قَالَ: ينْسَخ ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ قَالَ: الذّكر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: يمحو الله الْآيَة بِالْآيَةِ ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ قَالَ: أصل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿لكل أجل كتاب﴾ قَالَ: أجل بني آدم فِي كتاب ﴿يمحو الله مَا يَشَاء﴾ قَالَ: من جَاءَ أَجله ﴿وَيثبت﴾ قَالَ: من لم يَجِيء أَجله بعد فَهُوَ يجْرِي إِلَى أَجله

صفحة رقم 664

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: ﴿يمحو الله﴾ رزق هَذَا الْمَيِّت ﴿وَيثبت﴾ رزق هَذَا الْمَخْلُوق الْحَيّ
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ قَالَ: يثبت فِي الْبَطن الشَّقَاء والسعادة وكل شَيْء هُوَ كَائِن فَيقدم مِنْهُ مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء
وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي الدَّرْدَاء - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت﴾ مُخَفّفَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ قَالَ: الذّكر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ قَالَ: الذّكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سيار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سَأَلَ كَعْبًا رَضِي الله عَنهُ عَن أم الْكتاب فَقَالَ: علم الله مَا هُوَ خَالق وَمَا خلقه عاملون
فَقَالَ لعلمه: كن كتابا
فَكَانَ كتابا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - ﴿وَعِنْده أم الْكتاب﴾ يَقُول: عِنْده الَّذِي لَا يُبدل
الْآيَات ٤١ - ٤٢

صفحة رقم 665
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية