
تقدم ذكرهم عذاب في الحياة الدنيا، وهو القتل والأسر.
﴿وَلَعَذَابُ الآخرة أَشَقُّ﴾ أي: أشد من عذاب الدنيا. ﴿وَمَا لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ﴾ أي: ليس يقيهم من عذاب الله (سبحانه) أحد.
قوله: ﴿مَّثَلُ الجنة التي وُعِدَ المتقون﴾ إلى قوله ﴿وَلاَ وَاقٍ﴾ التقدير عند سيبويه: " وفيما يتلى عليكم "، أو: " مما يقص عليكم مثل الجنة، وهذا قياس مذهب سيبويه.
وقال الفراء: التقدير الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ومثل (...).
وقيل: هو مردود إلى قوله: ﴿لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبِّهِمُ الحسنى﴾ [الرعد: ٢٠].

ثم قال: صفة الجنة التي وعد المتقون، تجري من تحتها الأنهار.
ثم قال: ﴿أُكُلُهَا دَآئِمٌ﴾ أي: المأكول منها دائم لأهلها لا انقطاع له، كما قال ( تعالى) :﴿ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة: ٣٣]، وظلها دائم دائم أيضاً.
﴿تِلْكَ عقبى الذين اتقوا﴾ أي: عاقبتهم، وعاقبة الكافرين النار.
ويروى أن ابن عباس كان يتوقف عن تفس (ي) ر هذه الآية، ويحلف بالله لو فسرت ما حملها جميع إبل العالمين. يريد ابن عباس أن الجنة لو وصفت على حقائقها، ما حمل صفتها مكتوباً جميع إبل العالمين: لجلالة أمرها، وعظيم شأنها، في نعيمها وملكها. وما أعد الله) تعالى) لأوليائه فيها. ويدل على ذلك (أيضاً): قول النبي ﷺ: " فيها ما لا أذن سمعت، ولا عين رأت ".

وقال الله تعالى: ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧].
وقال: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً﴾ [الإنسان: ٢٠].
ثم قال تعالى: ﴿والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَفْرَحُونَ﴾ المعنى والذين آتيناهم الكتاب م (من) آمن بمحمد ﷺ فهم يفرحون بما أنزل إلى محمد.
قال قتادة: هم أًحاب، محمد ﷺ، يفرحون بما أنزل إليه.
وقيل: ﴿والذين آتَيْنَاهُمُ (الكتاب)﴾ عني بهم اليهود والنصارى،

يفرحون بالقرآن، لأنه مصدق لأنبيائهم، وكتبهم، وإن لم يؤمنوا بمحمد، ( ﷺ).
وقيل: عني بذلك الثمانون الذين آمنوا من نصارى نجران: أربعون وثمانية من الشام، واثنان وثلاثون من أرض الحبشة. آمنوا بالنبي (عليه السلام) وصدقوا به.
ثم قال (تعالى): ﴿وَمِنَ الأحزاب مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾ أي: ومن أهل الملل المتحزبين عليك يا محمد من ينكر بعض ما أنزل إليك.
وقيل: هم من اليهود والنصارى.
ثم قال: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله ولا أُشْرِكَ بِهِ﴾: (أي: قل لهم يا محمد: إنما أمرت أن أعبد الله، ولا أشرك به) في عبادته. ﴿إِلَيْهِ أَدْعُو﴾: أي: إلى طاعة أدعو الناس. ﴿وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾: أي: مصيري.
ثم قال تعالى: ﴿وكذلك أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً﴾ أي: كما أنزلنا عليك الكتاب يا