
﴿إِنَّ الله لاَ يُخْلِفُ﴾ ما وعدك به، وهو فتح مكة.
وعن الحسن: وعد الله: القي (ا) مة في هذا الموضع.
وقيل: أن تحل القارعة قريباً من دارهم. قاله الحسن.
قوله: ﴿وَلَقَدِ استهزئ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ إلى قوله ﴿مِن وَاقٍ﴾ والمعنى أن يستهزئ هؤلاء من قومك يا محمد، فاصبر على آذاهم، وامض على أمر الله تعالى في إنذارهم.
﴿وَلَقَدِ استهزئ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ أي: أَطَلْتُ للمستهزئين بربهم في الأجل والأمل، ثم أحللت بهم العقوبة. فكيف رأيت عقوبتي؟.
والإملاء: الإطالة، ومنه قيلك لليل والنهار الملوان، لطولهما. ومنه قيل

للخرق الواسع من الأرض ملأ لطول ما بين طرفيه.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ " من ": رفع بالابتداء، والخبر محذوف، وبه يتم المعنى.
والتقدير: أفمن هو قائم على كل نفسٍ بما كسبت كشركائهم، والتقدير: أفمن هو حافظ على مل نفس لا يغفل، ولا يهلك (كمن يهلك ولا يحفظ) ولا يحصي شيئاً (فالجواب محذوف) لعلم المخاطب).
وقيل المراد به الملائكة الموكلون على بني آدم، والقول الأول أشهر، وأكثر.
ثم قال (تعالى): ﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ﴾ هذا يدل على المحذوف، والمعنى: أفمن هو قائم كشركائهم. ودلّ ﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ﴾ على المحذوف ثم قال: قل لهم يا محمد ﴿سَمُّوهُمْ﴾: أي يسموا هؤلاء الشركاء، فإن قالوا: آلهة فقد كذبوا، لأنه لا إله إلا هو الواحد (القهار)، لا شريك له.

﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض﴾ (أم تخبرونه بأن في الأرض إلهاً، ولا إله إلا هو في الأرض والسماء.
وقوله: ﴿أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول﴾: أي: أم قلتم ذلك بظاهر قول، وهو في الحقيقة باطل لا صحة له.
ثم قال (تعالى) ﴿بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ﴾ المعنى ما لله شريك، بل زين للذين كفروا مكرهم: أي: زيِّن لهم عملهم، وصدوا الناس عن الإيمان.
ومن قرأ بضم الصاد، فمعناه: أن الله أعلمنا أن صدَّهم عن الهدى عقوبة لهم. ودلّ على ذلك قوله: ﴿وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ أي: من أضله الله تعالى عن إصابة الحق، فلا يقدر أحد على هدايته.
ثم قال تعالى: ﴿لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الحياة الدنيا﴾ أي: لهؤلاء الكفار الذين